
نجا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من موت محقق في حادث جوي اعتُبر الأخطر منذ بداية الحرب، بعدما تحولت زيارته المفاجئة إلى مقاطعة كورسك إلى فخ استخباراتي محكم، بدا وكأنه كمين مُعد بعناية لاستهداف “خصم الغرب الأول”. في لحظة واحدة، انطلقت 46 مسيّرة أوكرانية في هجوم جوي منسّق ومُبرمج، لم يكن هدفه منشأة عسكرية ولا موقعًا لوجستيًا، بل رجل واحد فقط: فلاديمير بوتين.
بدا أن الهجوم يهدف إلى قلب موازين الحرب عبر اغتيال رأس السلطة الروسية، في سابقة قد تعيد رسم خريطة الصراع وربما خريطة العالم. وبينما كان بوتين يتفقد منشآت في كورسك ويظهر على الكاميرات مطمئنًا، كانت السماء فوقه تشتعل. وكشفت وزارة الدفاع الروسية لاحقًا أن الهجوم تزامن بدقة مع تحليق المروحية الرئاسية، مؤكدة أن الدفاعات الجوية تمكنت من صد الهجوم وتدمير كل الطائرات المعادية.
لكن السؤال الكبير الذي طغى على كل التحليلات: هل كانت أوكرانيا تحاول اغتيال بوتين؟ صحيفة ديلي إكسبريس البريطانية نقلت عن مصادر استخباراتية غربية أن العملية نُفذت بناء على معلومات دقيقة عن تحركات الرئيس الروسي، ما يطرح علامات استفهام مقلقة: من سرّب مسار الرحلة؟ ومتى وصلت المعلومة إلى أوكرانيا؟ وهل هناك دور لأجهزة استخبارات غربية؟
في مقابلة نادرة، أكد الجنرال يوري دشكين، قائد قوات الدفاع الجوي، أن المروحية الرئاسية كانت بالفعل “في قلب العاصفة”، ما غيّر تمامًا المشهد وفتح باب التكهنات حول احتمال تنفيذ محاولة اغتيال رئاسية مدروسة.
زيارة بوتين إلى كورسك لم تكن زيارة اعتيادية، بل تجسيد لرغبته في الظهور كقائد ميداني لا يختبئ خلف المكاتب، بحسب الإعلام الروسي. لكن ما لم يُكشف وقتها، هو أن الطائرات المسيّرة كانت قد انطلقت بالفعل، وأن الرادارات ترصد كل حركة في الجو.
ومع أن أوكرانيا لم تعلن رسميًا مسؤوليتها، فإن تصريحاتها اللاحقة عن محاولة الاغتيال، وطريقة نشرها، حملت رسالة سياسية واضحة: “نستطيع الوصول إليكم”. ويطرح هذا تصعيدًا جديدًا في طبيعة الحرب، حيث لم تعد المعارك تستهدف الجنود فقط، بل القادة أنفسهم.
ما حدث في سماء كورسك ليس إلا فصلًا جديدًا من مسلسل طويل من محاولات اغتيال طالت بوتين منذ توليه السلطة. فقد نجا من ست محاولات موثقة، بينها محاولة تفجير في أذربيجان عام 2002، ومحاولة إطلاق نار في بريطانيا عام 2003، وهجوم مخطط له من الشيشان في أوكرانيا عام 2012، وأخرى كشف عنها جهاز الاستخبارات الأوكراني في بداية الغزو الروسي عام 2022، بالإضافة إلى محاولة أخيرة في يوليو 2024 أعلنت عنها موسكو رسميًا، متهمة كييف وداعميها الغربيين بالوقوف وراءها.
فلاديمير بوتين، الذي تصفه الصحافة الروسية بـ”الرجل الحديدي”، لا يسير إلا تحت حماية أمنية كثيفة. ومع أن جميع محاولات اغتياله فشلت، فإن ظلها يلاحقه باستمرار. فهل كانت محاولة كورسك مجرد حلقة أخرى في مسلسل لا ينتهي؟ أم أننا أمام بداية مرحلة جديدة من التصعيد، تُستهدف فيها الرؤوس، لا الجنود؟
وإذا كان بوتين قد نجا مرة أخرى، فإن السؤال الأخطر يظل مطروحًا: هل ستكون الضربة القادمة هي القاضية؟ أم أنه سيكتب سطرًا جديدًا في سجل نجاته الذي بات أقرب إلى الأسطورة؟