دعا عبدالوهاب السامرائي خطيب جامع أبوحنيفة في منطقة الأعظمية، ذات الأغلبية السنية، إلى تخصيص مدوّنة للأسرة لأهل السنة تضمن خصوصيتهم، بينما ينذر مشروع قانون الأحوال الشخصية بتأجيج الصراعات الطائفية، في ظل تمسك مجلس النواب العراقي بإقراره رغم التحفظات على العديد من بنوده، فيما حذر نشطاء ومنظمات حقوقية من أن المقترح التشريعي يمهد الطريق لسنّ قوانين على أسس طائفية.
ونقل موقع “شفق نيوز” الكردي العراقي عن السامرائي قوله في خطبة صلاة الجمعة “بعد اختيار رئيس البرلمان الجديد هناك عدد من القضايا نضعها أمامه منها قانون الأحوال الشخصية”، منتقدا “سعي البعض إلى فرض توجه واحد”، مضيفا “لا يجوز إجبار أحد على اتباع مذهب آخر”.
ويشير موقف السامرائي إلى رفض السنة لمشروع قانون الأحوال الشخصية الذي يدفع الإطار التنسيقي الذي يضم القوى السياسية الشيعية الموالية لإيران باتجاه تمريره.
وقال الخطيب إن “الشخص حر في اختيار مذهبه، سواء كان شافعيا، حنفيا، حنبليا، أو مالكيا”، مضيفا “الإخوة الشيعة اختاروا ما يمثل أحوالهم الشخصية وهم أحرار بذلك، فلماذا يصر البعض على إبقاء أهل السنة دون هوية واضحة في هذا القانون؟”.
وتابع أن القانون الحالي “لا يمثل مذهبا معينا، بل يجمع بين آراء متعددة، وقد اتفقت المؤسسات العلمية والمجمع الفقهي العراقي وعلماء على ضرورة وجود مدونة خاصة تحفظ تقاليد وأحكام أهل السنة”.
وأضاف “نحن نتحدث عن قضية دينية وليس فقط سياسية وهي تتعلق برغبة أهل السنة في توثيق تقاليدهم وأحكامهم ضمن إطار قانوني”.
ودعا السامرائي الحكومة والبرلمان والكتل السياسية إلى النظر بجدية في هذه القضايا لتحقيق الاستقرار، معتبرا أن “استمرار الضغوط والاستهدافات المتكررة ضد أي مكون سيعيق استقرار البلاد ويمنعها من التعافي والعيش في سلام”.
وأعلن المجمع الفقهي العراقي وديوان الوقف السني الشهر الماضي معارضتهما للتعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية، مؤكدين أنه “لا يوجد مسوغ لاستبدال القانون بمدونتين منفصلتين شيعية وسنية”.
ولا يزال الجدل محتدما حول المبادرة التشريعية التي يعتبرها معارضوها عودة إلى الوراء، وسط تحذيرات من فتح الباب واسعا لزواج القاصرات وحرمان الزوجة من حقوق النفقة والحضانة، فيما أكدت منظمات أن المشروع يمهد لاعتماء النصوص الدينية لكل طائفة ومذهب مرجعا للأحكام بدلا من القوانين السارية.
ويتيح مشروع القانون الجديد للأزواج أن يختاروا تطبيق إما أحكام قانون الأحوال الشخصية أو أحكام مذاهب فقهية إسلامية محددة، وإذا كان الزوجان من طائفتين مختلفتين، تُطبق المدرسة الفقهية التي تتبعها طائفة الزوج.
ووصفت سارة صنبر الباحثة العراقية في منظمة “هيومن رايتس ووتش” في وقت سابق مشروع قانون الأحوال الشخصية بأنه “خطوة مدمرة” إلى الوراء للنساء والفتيات العراقيات، وللحقوق التي ناضلن بشدة من أجل تكريسها في القانون، مؤكدة أن “تشريع زواج الأطفال سيحرم عددا كبيرا من الفتيات من مستقبلهن ورفاههنّ”.