
نشرت وكالة انباء الاناضول:
خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، لم تكتف إسرائيل بتوجيه نيرانها إلى الأبرياء من المدنيين، بل تعمدت استهداف أولئك الذين حملوا على عاتقهم توثيق الحقيقة.
في مقدمة هؤلاء كان الصحفيون، الذين خاطروا بحياتهم لتسليط الضوء على ما ترتكبه إسرائيل في غزة من جرائم بحق المدنيين وكافة أشكال الحياة، ليبادر جيشها بقتل 174 منهم منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
من بين هؤلاء الصحفيين، كان منتصر الصواف، المصور المتعاون الذي عمل مع وكالة الأناضول منذ عام 2014.
لم يكن منتصر مجرد ناقل للحدث، بل كان شاهدا على المأساة الفلسطينية، وحريصا على التقاط الجرائم الإسرائيلية الحية ضد الفلسطينيين وتوثيقها بعدسته رغم المخاطر المحدقة به.
كان يدرك أن كل صورة يلتقطها قد تكون الأخيرة له، ومع ذلك لم يتراجع، مكرسا جهده لكشف الحقيقة والدفاع عن الرواية الفلسطينية ضد الإسرائيلية.
في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، تعرض منتصر مع عائلته لهجوم صاروخي إسرائيلي على منزله، نجا بأعجوبة من موت محقق، لكنه فقد عددا من أفراد أسرته، بينهم والدته ووالده وشقيقيه.
خرج من تحت الأنقاض مصابا في عينه وأنفه، ولم يجد طبيبًا يعالجه، بعد أن دمرت إسرائيل معظم مستشفيات غزة والشمال، مما جعله يواجه الألم وحده.
ومع ذلك، لم توقفه إصاباته فقد عاد إلى الميدان، يجمع شظايا قصص الحرب، ويواصل أعماله الإنسانية التي كان يمارسها جنبا إلى جنب مع الصحفية.
حتى باغتته نيران القناصة الإسرائيليين في 1 ديسمبر/ كانون الأول، بعد 13 يوما فقط من استهدافه وعائلته سابقا.
أُصيب منتصر على إثر ذلك، وظل ينزف وحده لمدة نصف ساعة حتى فارق الحياة.
وعن الراحل، يقول زميله الصحفي محمد ماجد، إنه كان من “الصحفيين الذين لا يعرفون الخوف، يقف في مقدمة الصفوف لنقل الصورة الحقيقية للعالم، لإيمانه العميق بأنها أقوى من أي سلاح”.
ويضيف للأناضول: “كان منتصر يرفض الصمت أمام الظلم، وكان يسعى دائما لنقل معاناة الناس تحت الحصار والعدوان حتى في لحظاته الأخيرة”.
ومستذكرا موقفا بدا فيه الصواف قويا، يقول ماجد: “عندما استشهدت عائلته وكان مصابا ذهبت لمواساته وقلت له: أنا معك، لكن رغم ألمه ودموعه رد قائلا: “أنا معك وإن احتجت أي شيء أنا موجود”.
ويشدد على أن منتصر رفض ترك الكاميرا وتوثيق الجرائم الإسرائيلية في مدينة غزة التي رفض النزوح منها للجنوب استجابة لإنذارات الجيش.