فيضانات في ليبيا تُعيد للأذهان “كارثة درنة”

فيضانات ضخمة ضربت كل من مدينتي غات والكفرة في جنوب ليبيا وما زالت آثارها باقية إلى الآن حيث دمرت عشرات المنازل، والبنية التحتية بالمنطقة، ودفعت مئات الليبيين إلى النزوح للعيش في خيام في مناطق مرتفعة بعيداً عن السيول المستمرة منذ أيام.

يتخوف أهالي مدينة غات وكذلك مواطني الكفرة من قلة الإمكانيات المتوفرة من جانب حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أو حتى حكومة الشرق برئاسة أسامة حماد من أن يؤدي ذلك إلى تفاقم آثار الفيضانات في ظل معاناة يواجهها المواطنون في التعامل مع الأمر.

بالنسبة لـ فيضانات الكفرة، وهي منطقة صحراوية غالباً أصبحت موطناً للسودانيين الفارين من الحرب في بلادهم، فإن معدل هطول الأمطار هناك كان غير مسبوق إذ بلغ 51 ملم في غضون 24 ساعة، وفقاً لهيئة الأرصاد الجوية الليبية.

ونقلت قناة “ليبيا الأحرار” عن عمدة المدينة قوله إن الأسر لجأت إلى المدارس بعد تعرض منازلها لأضرار، وإن 700 عائلة لاجئة من السودان تعيش “في العراء”.

كذلك فإن الأمطار، التي تتساقط منذ 3 أيام، أغرقت أجزاء كثيرة من المدينة، وهي الأغزر منذ 72 عاماً، ولم تشهد المدينة مثلها منذ سنوات طويلة، بالإضافة إلى ذلك فقد تسببت المياه الغزيرة في جريان أودية جبلية نحو المدينة، مثل وديان جبل العوينات، الذي يقع على بعد 350 كيلومتراً جنوب مدينة الكفرة.

في حين تسببت السيول في خروج مستشفى الشهيد عطية الكاسح في المدينة من الخدمة، كما تضررت شبكة الكهرباء بسبب سوء الأحوال الجوية، فضلاً عن أن عطلًا أصاب المحولات الرئيسية للكهرباء في مدينة الكفرة، مما أدى إلى قطع التيار الكهربائي عن ما يقارب 80% من المدينة ، كذلك تسببت السيول في انهيار العديد من جدران وأسقف المنازل القديمة والطينية.

كما حدث انقطاع الاتصالات في مناطق العوينيات وتهالة وبركت وغات، فضلاً عن انهيار طريق التوم الحدودي بين مدينة القطرون وتشاد والنيجر.

في حين يتخوف المواطنون في الكفرة من تكرار كارثة فيضانات مدينة درنة شرقي ليبيا جراء هطول الأمطار الغزيرة العام الماضي، إذ تعد درنة المتضرر الأكبر بسبب انهيار سدين كانا يحبسان مياه السيول المنحدرة من الجبال في وادي درنة الضخم، اللذين انطلقت منهما المياه بقوة جارفاً كل ما في طريقها، مما تسبب في مصرع 4540 شخصاً، بينهم 576 أجنبياً وفق إحصاءات رسمية.

موسى تهيساوي – صحفي ليبي من جنوب ليبيا، قال في تصريحاته لـ”عربي بوست”، إن الفيضانات التي كانت في 2019 قد وقعت، في المنطقة الحدودية مع الجزائر، والتي تقع بين جبلين، وهي منخفض تحت الجبال، وبالتالي الأودية تصب في هذه المنطقة المنخفضة وبالتالي تُواجه أزمات كبيرة بسبب هطول الأمطار، وقد تكررت هذه الأزمة في عام 2019 ولم يتم حلها أو معالجتها من جانب الحكومة.

قال كذلك إن الفيضانات التي وقعت في 2019 كانت كارثية إذ ظل المواطنون خارج منازلهم لمدةِ شهرٍ كامل حتى انتهت الفيضانات. وقال إن الفيضانات تكررت مرة أخرى هذه الأيام وتسببت في مقتل شخص وإصابة العشرات ، لكنها دفعت المئات من المواطنين إلى الخروج بعيداً عن مكان الفيضان

كشف كذلك أن الأهالي هناك يعانون من النقص في المواد الغذائية، ولا أحد يوفر لهم حاجياتهم الغذائية ، وما زال الأهالي خارج مدينة غات ، حيث يحتاجون لنحو ثلاثة أسابيع كي يعودوا إلى منازلهم مرة أخرى.

كما قال إن الأهالي خسروا مواشيهم ، وتسببت الفيضانات في تدمير الأراضي الزراعية ، حيث تدمرت المحاصيل ، وقد فقد الأهالي مواشيهم وأيضاً مزارعهم ، وذلك في مدينة غات.

بالنسبة للكفرة قال موسى تهيساوي، إن ما حدث هناك أقل ضرراً مما حدث في مدينة غات ،لكنه أشار إلى أن المئات أجبروا أيضاً على الخروج من المدينة ، ونزحوا بعيداً عن الأمطار ، وهناك محاولات لنقل أماكن مخيماتهم التي استقروا فيها، لكن الوضع هناك في غاية الصعوبة.

قال أيضاً إن هناك منظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الهجرة الدولية، يستهدفان إنقاذ ومساعدة المواطنين النازحين من فيضان الكفرة.

بخصوص الإشراف الحكومي على مدينة غات والكفرة، قال موسى تهيساوي إن غات والكفرة يقعان تحت إشراف حكومة الشرق برئاسة أسامة حماد، مؤكدًا أن هذه المنطقة تشهد توترات أمنية بين ليبيا وبين الجزائر.

في الوقت نفسه قال إن حكومة الشرق تحاول أن “تسوق نفسها إعلاميًا”، وتوحي بأنها قادرة على تقديم كل المساعدات للأهالي في غات والكفرة لكن لم يحدث أي شيء، في حين أشار إلى أن حكومة الغرب قدمت بعض المساعدات الأولية دون أن يكون هناك مساعدات حقيقية للأهالي.

كشف موسى تهيساوي أن مدينة غات يقطن فيها أربعين ألف نسمة في كافة القرى التي تتبع إداريًا مدينة غات، مشيرًا إلى أن هؤلاء الآلاف يواجهون أزمة كبيرة بسبب الفيضانات، في حين أشار إلى أن سكان الكفرة يقتربون من خمسين ألف مواطن يواجهون أزمة كبيرة بسبب الأمطار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *