
تناولت الصحف السويسرية هذا الأسبوع أبعاد التقارب بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل في ظل الهجوم الإسرائيلي على غزة. كما كشفت تقارير أخرى خطط إسرائيل لفرض سيطرة دائمة على القطاع، بالإضافة إلى مبادرات إسرائيلية داخلية لتوثيق الانتهاكات الجارية بحق السكان المدنيين الفلسطينيين.
رغم التصعيد العسكري في غزة، تحافظ دولة الإمارات العربية المتحدة على علاقات مستقرة مع إسرائيل، بحسب ما أفادت صحيفة نويه تسورخير تسايتونغ السويسرية في تقرير موسّع تناول أبعاد هذا التعاون المستمر، في ظل تصاعد الضغوط الدولية على الحكومة الإسرائيلية. ويشير كاتب التقرير، ريفرت هوفر، إلى أن الإمارات تُعد الدولة العربية الأكثر انفتاحًا تجاه الجالية اليهودية، موضحًا أن العديد من الإسرائيليين.ات يشعرون بأمان أكبر في أبوظبي مقارنةً بعواصم أوروبية كبرى. ويضيف أن البلاد تحتضن مجتمعًا يهوديًا نشطًا يمارس شعائره الدينية بحرية، بما في ذلك طقوس السبت في فيلا حاخام بارز في العاصمة.
ويؤكد التقرير أن سفارة إسرائيل في أبوظبي لا تزال البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية الوحيدة العاملة بكامل طاقتها في الشرق الأوسط، في وقت سحبت فيه دول، مثل الأردن، سفيرها. كما تستمر الرحلات اليومية بين الإمارات وتل أبيب، بما يفوق عشر رحلات جوية يوميًا، في حين أُوقفت الرحلات إلى دول عربية أخرى.
وفي تصريح للصحيفة، قالت ابتسام الكتبي، مديرة مركز الإمارات للسياسات: “النموذج الاقتصادي للإمارات لا يمكن أن ينجح إذا كانت المنطقة غير مستقرة. ازدهارنا يعتمد على الترابط والانفتاح”. وأوضحت أن عائدات النفط والغاز تشكل حاليًا نحو ربع الناتج المحلي فقط، في وقت باتت فيه دبي مركزًا رئيسيًا للسياحة والتجارة والعقارات.
رغم ذلك، لم يخفِ التقرير وجود توترات في العلاقة مع إسرائيل، خاصة بعد تراجع الأخيرة عن التزاماتها بعدم ضم أراضٍ فلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن خليفة السويدي، الباحث في أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، قوله: “الجانب الإسرائيلي نكث بوعده. لكن ما أثار غضب الإمارات حقًا هو خطط إسرائيل لطرد السكان الفلسطينيين من قطاع غزة”.
ورغم تلك التوترات، تواصل الإمارات الحفاظ على قنوات مفتوحة مع إسرائيل. ففي مارس الماضي، زار وفد من كبار ممثلي المستوطنات الإسرائيلية أبوظبي، في سابقة من نوعها في المنطقة. وقد استُقبل الوفد من قِبل علي راشد النعيمي، عضو المجلس الوطني الاتحادي، الذي أشار إلى أن اللقاء كان صعبًا في بدايته، لكن بعد ساعتين من النقاش، أعرب أعضاء الوفد عن استعدادهم لبدء مفاوضات بعد انتهاء الحرب، وفق ما أفاد النعيمي.
ويبرز التقرير مدى التداخل بين السياسي واليومي في العلاقات الثنائية؛ ففي دبي، يُقدَّم الطعام الكوشير في مطاعم مثل “مقهى بيبي”، الذي يحمل اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. غير أن الاسم يُخفى جزئيًا عن العامة، إذ أُضيفت حروف إلى واجهة المطعم ليبدو وكأنه “كافيه حبيبي”، وذلك لتفادي إثارة الجدل في الأماكن العامة.
ويشير التقرير إلى أن راشد النعيمي ، النائب البرلماني الإماراتي أدان رد الفعل الإسرائيلي على هجوم 7 أكتوبر الإرهابي، واصفًا إياه بالحملة الانتقامية، ودعا إلى التمييز بين الحركة الإسلامية المسلحة حماس والمدنيين الأبرياء. وأوضح في الوقت ذاته أن فظائع حماس غير إنسانية ولا تمثّل الإسلام.
ومن منظور استراتيجي، يعزو التقرير الموقف الإماراتي إلى سعي حكّام الخليج للقضاء على التيارات الإسلامية السياسية، حيث يرى حكّام الخليج، في الخفاء، أن ضربات إسرائيل ضد حماس المدعومة من قطر، وحزب الله المدعوم من إيران، تصبّ في مصلحتهم، إذ يعارضون الجماعات الإسلامية المتشددة.
ومنذ 2011، حظرت الإمارات جماعة الإخوان المسلمين وصنّفتها منظمة إرهابية، وفرضت احترام الأديان رسميًا، بما في ذلك اليهودية، حفاظًا على الاستقرار في دولة يغلب على سكانها الطابع الأجنبي.
ويختم التقرير بالإشارة إلى أن الإمارات قد تلعب دورًا محوريًا في إعادة ترتيب الأوضاع في غزة بعد الحرب، بفضل علاقاتها المتينة مع إسرائيل. لكنها تشترط، في المقابل، على الحكومة الإسرائيلية إظهار جدية واضحة في التوصل إلى حل سياسي شامل للصراع. وإن لم يتحقق ذلك، فإن حتى أعمق أشكال التعاون قد تبلغ حدودها القصوى.
(المصدر: نويه تسورخير تسايتونغرابط خارجي، 24 مايو 2025، بالألمانية)