معاناة المهاجرين المسجونين في تونس بتهمة “الإقامة غير القانونية”

تم القبض على داوودا (اسم مستعار) في شباط/فبراير الماضي في منزله بمدينة صفاقس، وسجن لأكثر من شهر بتهمة “الإقامة غير القانونية” في سجن طينة. حالهم كحال داوودا، يتعرض العديد من الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى للمحاكمة في تونس بتهمة “الإقامة غير الشرعية”، ويجدون أنفسهم إلى جانب سجناء في قضايا أخرى. تواصل داوودا مع فريق مهاجرنيوز، وشارك قصته.

“في شباط/فبراير الماضي، اقتحم رجال الشرطة منزلي في صفاقس، كنت هناك مع زوجتي وأربعة أشخاص آخرين من غينيا وساحل العاج، من بينهم امرأة حامل في شهرها السابع. حطم رجال الشرطة كل شيء وفتشوا المكان، وسرقوا هواتفنا وممتلكاتنا الشخصية، ووجهوا إلينا أسلحتهم.

ثم قاموا بتقييدنا وأرسلونا إلى أقرب مركز شرطة. وبعد ساعات قليلة تم نقلنا إلى سجن طينة في صفاقس، وانفصلت بناء على ذلك عن زوجتي. وبعد أسبوع، عُرضتُ أمام المحكمة، وحُكم عليّ بالسجن لمدة 32 يوما بتهمة الإقامة غير القانونية”.

وفي اتصال مع مهاجرنيوز العام الماضي، قال رمضان بن عمر، من المنتدى الاقتصادي والاجتماعي التونسي (FTDES)، إنه “منذ شباط/فبراير 2023، والخطاب الحاد الذي ألقاه الرئيس التونسي ضد الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى، لوحظت زيادة في عمليات إدانة المهاجرين بهذه التهمة. وقد ازداد هذا العدد بشكل أكبر في الأسابيع الأخيرة. إنها طريقة لتجريم المهاجرين بشكل أكبر.”

وبالإضافة إلى السجن، يواجه المهاجرون من جنوب الصحراء الكبرى الذين يعيشون في البلاد خطر نقلهم وتركهم في الصحراء، على الحدود الجزائرية أو الليبية.

“ما رأيته في سجن طينة لم يكن إنسانيا. في الزنازين، يختلط مواطنو جنوب الصحراء بالسجناء التونسيين، المغتصبين المجرمين واللصوص. كان عددنا في الغرفة الواحدة حوالي 150 شخصا، أغلبهم من المواطنين التونسيين، وكان هناك حوالي 50 من مواطني دول جنوب الصحراء الأفريقية. عندما تصل إلى السجن، يتم استهدافك لمجرد أن بشرتك سوداء.

في كل زنزانة يوجد ‘عريف’، وهو سجين تونسي يعمل كقائد. يمكن للسجناء أن يضربوك بدون سبب. وإذا اشتكيت للعريف فإنه سيضربك أيضاً. وإذا نادى على الحراس، فسوف يضربونك أيضا. وفي كل يوم نمر به في السجن، نحاول أن نكون حذرين قدر الإمكان وألا نواجه أي مشاكل مع أي تونسي.

إن عدم المساواة في المعاملة محسوس على كافة المستويات. فيما يتعلق بالطعام أولاً: عندما يتم توزيع الطعام في الزنزانة، يكون التونسيون هم أول من يستلمونه، والحصص ليست متساوية بين الجميع. على سبيل المثال، يمتلك السود زجاجة حليب سعة لتر واحد لأربعة أشخاص، بينما يتقاسم التونسيون زجاجة بين اثنين. لديهم دائما طعام أكثر مما لدينا.

وقت النوم يختلف أيضاً. ينام القادمون من جنوب الصحراء الكبرى بالقرب من المرحاض، في أسوأ مكان في الزنزانة. لدينا فقط تسعة أسرة لـ50 مهاجرا. لذلك نتشارك المراتب بينما يقضي الباقون الليل على الأرض. وهذا ليس هو الحال بالنسبة للمواطنين التونسيين.

في المساء، لا نقرر متى ننام، التونسيون هم الذين يأمروننا بالنوم. ومنذ تلك اللحظة لم يعد لدينا الحق في الكلام. وهم، من ناحية أخرى، ينامون في وقت متأخر جدا ويتحدثون لساعات طويلة. لقد رأيت أفارقة من جنوب الصحراء الكبرى يصابون بالجنون في هذا السجن. بعضهم يعاني من اضطرابات نفسية. إنه أمر فظيع.

وفي نهاية شهر آذار/مارس، تم إطلاق سراحي أخيرا والتقيت بزوجتي، التي أُطلق سراحها من السجن في نفس الوقت الذي أُطلق سراحي فيه. تماما مثل زملائي في الغرفة، أنزلنا رجال الشرطة في مكان ناءٍ، تحت جسر بالقرب من الطريق السريع.

وبينما كنا نسير باتجاه المدينة، اقترب منا رجال على دراجات نارية. رفضنا ‘مساعدتهم’ ولكنهم عادوا. وفي المجمل، هددنا نحو 10 أشخاص من التونسيين ومن بلدان جنوب الصحراء الكبرى، وكان معهم سواطير وأجبرونا على الصعود معهم. لقد اختطفونا.

أخذونا إلى منزل مهجور على مشارف صفاقس، وقاموا بضربنا. وفي الوقت ذاته، كانوا يجرون مكالمات فيديو مع أهلنا لإجبارهم على دفع فدية. وفي حالة الرفض، هددونا بوضعنا في حفرة لعدى ساعات.

لقد كانوا قاسيين جداً. وكانت الجدران مغطاة بالدماء. لا بد أن يكون هناك بعض الأشخاص الذين تعرضوا للإساءة قبلنا في هذا البيت.

وفي المجمل، كان علي أن أدفع مليون و250 ألف فرانك أفريقي (حوالي 1,900 يورو) لإطلاق سراحي وزوجتي. لقد كان المال الذي أودعته لدى أختي التي بقيت في المنزل عند اعتقالي. لقد قمت بالادخار من خلال العمل في مجال البناء في الجزائر، قبل أن آتي إلى تونس، لدفع تكاليف عبور البحر الأبيض المتوسط. اليوم نعيش في بساتين الزيتون، تحت رحمة عمليات الإخلاء، ولم يبق لنا شيء”.

منذ ما يقرب من عامين، قام المهاجرون الذين طردوا من مراكز المدن ببناء مخيمات غير رسمية ضخمة في بساتين الزيتون على مشارف صفاقس، بالقرب من العامرة. وتشير تقديرات السلطات إلى أن نحو 20 ألف مهاجر يعيشون هناك.

وفي الأيام الأخيرة، نفذت قوات الحرس الوطني عمليات إخلاء واسعة النطاق لتفكيك هذه الآلاف من الخيام المؤقتة. وبحسب اتصالات من مهاجرين متواجدين هناك، أحرقت قوات إنفاذ القانون الخيام والممتلكات الشخصية في العديد من المخيمات، مما أجبر المهاجرين على التشتت في جميع أنحاء المنطقة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *