
قررت روما تخصيص 20 مليون يورو لإعادة المهاجرين الأفارقة القادمين من جنوب الصحراء الكبرى، من الجزائر وتونس وليبيا إلى بلدانهم الأصلية، بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، حسبما أعلنت الدبلوماسية الإيطالية.
خصصت إيطاليا مبلغ 20 مليون يورو لإعادة المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المتواجدين في الجزائر وتونس وليبيا إلى بلدانهم الأصلية، على أن يتم ذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة.
وقدمت وزارة الخارجية الإيطالية، مساء الأربعاء 2 نيسان/أبريل، “مبادرة جديدة تهدف إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية من خلال تحسين وتطوير عمليات العودة الطوعية من الجزائر وتونس وليبيا إلى بلدانهم الأصلية”، بحسب بيان لها.
وسيتم تنفيذ هذا المشروع بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة “لضمان حماية المهاجرين مع احترام حقوق الإنسان”، كما جاء في البيان الصحفي، موضحا أنه يستهدف “حوالي 3300 من المهاجرين الأكثر ضعفا“.
وكتب وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي على إكس، “شاركت اليوم […] في اللجنة المشتركة للتعاون الإنمائي […] التي تمت خلالها الموافقة على برنامج العودة الطوعية المدعومة لـ3300 مهاجر من الجزائر وتونس وليبيا إلى بلدانهم الأصلية“.
وتعهدت حكومة جورجيا ميلوني المحافظة للغاية بتقليص الهجرة غير النظامية إلى السواحل الإيطالية من شمال أفريقيا وتسريع إعادة المهاجرين الذين لا يستوفون شروط اللجوء. وهذه الخطوة تأتي في إطار جهود مستمرة تبذلها الحكومة اليمينية المتطرفة للحد من الهجرة نحو إيطاليا، ففي عام 2024، سافرت رئيسة الحكومة جيورجيا ميلوني إلى تونس عدة مرات لتشجيع “العودة الطوعية” وبالتالي وقف عبور البحر الأبيض المتوسط إلى السواحل الإيطالية.
وفي تونس، منذ خطاب الرئيس قيس سعيد المناهض للمهاجرين في شباط/فبراير 2023، والذي اتهم فيه المهاجرين بأنهم مصدر العنف والجرائم، تعرضوا للمضايقات من السكان ومن السلطات. وكان كاتب الدولة لدى وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد بن عياد قد أشار في نهاية كانون الثاني/يناير، إلى أن المنظمة الدولية للهجرة ساعدت خلال عام 2024، 7250 مهاجرا من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المقيمين في تونس على العودة “طوعيا” إلى بلادهم. وهذا يزيد بنحو ثلاثة أضعاف عن عدد المهاجرين الذين عادوا في عام 2023، والذي بلغ 2557 مهاجرا، و1614 مهاجرا في عام 2022.
وخلال القمة التي جمعت ممثلين عن 40 دولة في لندن نهاية آذار/مارس، بغاية مكافحة “الجريمة المنظمة في الهجرة”، أكد وزير الداخلية التونسي خالد النوري على أهمية التعاون بين الدول والمنظمات الدولية لمكافحة الأسباب الجذرية التي تدفع إلى الهجرة غير الشرعية.
وقبل ذلك، دعا الرئيس التونسي قيس سعيّد المنظمة الدولية للهجرة إلى تكثيف الجهود لتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين غير القانونيين من تونس إلى بلدانهم. وحث في بيان نشرته الرئاسة التونسية على فيسبوك الثلاثاء 25 آذار/مارس “المنظمات الدولية وخاصة منها تلك التي لها علاقة بالهجرة وفي مقدمتها المنظمة الدولية للهجرة من أجل تأمين العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين المتواجدين بتونس إلى بلدانهم الأصلية إذ لم يتمّ تأمين العودة الطوعية منذ بداية هذه السنة إلا لـ 1544 مهاجرا وهو رقم كان يمكن أن يكون أكبر بكثير لو تمّ بذل جهود أكبر حتّى يتمّ وضع حدّ نهائي لهذه الظاهرة غير المقبولة لا على المستوى الإنساني ولا على المستوى القانوني“.
وفيما يخص الجزائر، فقد رحّلت السلطات الجزائرية 31.404 مهاجرين إلى النيجر خلال 2024، وفقا لما أعلنته منظمة “هاتف الإنذار في الصحراء” في منتصف كانون الثاني/يناير. وهذا رقم قياسي حسب المنظمة التي نددت بالمعاملة “العنيفة” وحتى “المميتة” التي يتعرض لها المهاجرون.
ومنذ عام 2014، أرجعت الجزائر المهاجرين إلى النيجر بشكل شبه منتظم، وشمل ذلك مهاجرين متحدرين من النيجر ومن دول أفريقية أخرى، بما في ذلك النساء والقصر، حسب المنظمة نفسها.
وفي ليبيا، في عام 2024، اعترضت القوات البحرية الليبية 21.700 مهاجر في البحر الأبيض المتوسط، وفقا لأرقام المنظمة الدولية للهجرة. ويمثل هذا الرقم زيادة عن عام 2023 بـ 17.000 حالة، وكان من بينهم 1500 امرأة و700 طفل.
وغالبا ما يتعرض هؤلاء المعادين إلى ظروف قاسية واحتجاز واستغلال وتتم أيضا بحقهم عمليات إعادة قسرية. ففي ليلة واحدة مثلا من 3 إلى 4 يناير/كانون الثاني، طردت القوات الليبية 613 مهاجرا وصلوا إلى بلدة ديركو في النيجر، وكان قد تم القبض على المواطنين النيجيريين في أماكن مختلفة من جميع أنحاء ليبيا، في الشوارع أو المساجد أو أماكن العمل وأعيدوا قسرا وفقا لمنظمة “هاتف الإنذار في الصحراء“.
وبالمجمل، تمكنت المنظمة الدولية للهجرة من إعادة 16.207 مهاجرين عالقين في ليبيا إلى أوطانهم خلال عام 2024، ضمن برامجها للإعادة الطوعية. وهذا أكثر من العدد المسجل في عام 2023، حيث غادر البلاد عبر وكالة الأمم المتحدة 9300 مهاجر فقط.
وعمليات العودة إلى بلدان المنشأ ليست سهلة التنفيذ، وبشكل عام، تعتمد المنظمة الدولية للهجرة على العمليات التي تفرضها دول المنشأ لإصدار تصاريح المرور والتي قد تستغرق أحيانا وقتا طويلا.
ففي النيجر مثلا، يفقد المهاجرون صبرهم في بعض الأحيان، حيث “هناك أسباب تمنع العودة خلال فترة زمنية قصيرة […] قد تشمل الأسباب الوضع السياسي في بلد المنشأ، والتأخير في الحصول على وثائق السفر لمن لا يملكونها، والتعقيدات اللوجستية لتنظيم الرحلات الجوية […]”، حسبما أوضحت المنظمة الدولية للهجرة لمهاجر نيوز في عام 2022.