
تراجعت مؤشرات وول ستريت مجدداً، لتحبط آمال المستثمرين في انتعاشها، عقب الخسائر التي تكبدوها أمس الخميس. وتكبدت أسواق الأسهم خسائر واسعة مع فرض الأميركية الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية جديدة، والرد الانتقامي من الصين بفرض رسومًا جمركية بنسبة 34% على الواردات الأميركية.
وشهدت تعاملات أمس أكبر انخفاض يومي منذ عام 2020 لكل من المؤشرات الأميركية الرئيسية الثلاثة، مؤشر “داو جونز” الصناعي -4%، أو 1680 نقطة، ومؤشر “ستاندرد آند بورز 500” -5%، ومؤشر “ناسداك” -6%، في حين لم تبدو الأمور أكثر إشراقاً بالتداولات الصباحية يوم الجمعة.
أغلقت المؤشرات الرئيسية الثلاثة على خسائر واسعة، إذ انخفض “داو جونز” بنسبة 5.5%، أو حوالي 2231 نقطة، موسعًا خسارته التي استمرت يومين إلى 3710 نقطة، بينما تراجع “ستاندرد آند بورز” بنسبة 5.97% و”ناسداك” بواقع 5.82%.
وانزلقت المؤشرات الثلاثة بنسبة 10% على الأقل عن مستوياتها القياسية التي سجلتها قبل بضعة أشهر، لتستقر في منطقة التصحيح، كما دخل مؤشر ناسداك في مسار هابط حيث تراجع بأكثر من 20% دون أعلى مستوياته على الإطلاق المسجلة في ديسمبر/كانون الأول، ليدخل أول سوق هابط له منذ عام 2022.
خسائر اليوم وأمس تُعد من المرات القليلة في التاريخ الحديث التي انخفض فيها مؤشر “ستاندرد آند بورز” بنسبة 4.8% أو أكثر في أيام متتالية. فعلى مدار العقدين الماضيين، لم يحدث ذلك إلا ثلاث مرات أخرى: في 5-6 نوفمبر/تشرين الثاني و19-20 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، في ذروة الأزمة المالية، وفي 11-12 مارس/آذار 2020، في بداية جائحة كوفيد-19.
وبالإضافة إلى تأثير استمرار المعنويات السلبية الناجمة عن التعريفات الجمركية التي تبلغ 10% أو أكثر على غالبية الواردات، تفاعل المستثمرون أيضًا على نحو سلبي مع التدابير التجارية المضادة التي تقودها الصين وكذلك تمسك الرئيس بسياسته بعدما كتب اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي أن “سياساته لن تتغير أبدًا“.
من جهة أخرى، تضررت أسهم الشركات الأميركية التي تعتمد على الصين في جزء كبير من إيراداتها بشكل خاص، حيث انخفض سهم شركة أبل، صانعة هواتف آيفون، وسلسلة مقاهي ستاربكس، وشركة تسلا لصناعة السيارات المملوكة لإيلون ماسك، بنسبة 4% على الأقل. يتحسب خبراء الاقتصاد ببنك “جي بي مورغان” باحتمالية قدرها 60% دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود عام 2025.
جاءت خسائر يوم الجمعة رغم مجيء بيانات الوظائف لشهر مارس/آذار على نحو أفضل من المتوقع، والذي صدر قبل افتتاح السوق، وكشف عن إضافة الولايات المتحدة 228 ألف وظيفة الشهر الماضي، وهو رقم يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين البالغة 140 ألف وظيفة.
وفي هذا الصدد ترى الخبيرة الاقتصادية في شركة EY-Parthenon، ليديا بوسور، أن “البيانات تُعد تذكيرٌ بأن أساسيات الاقتصاد كانت قويةً قبل عاصفة التعريفات الجمركية”، مضيفةً أن “مخاطر التراجع في سوق العمل قد تصاعدت بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة“.
انخفضت أسعار النفط الخام اليوم، متأثرةً بتفاقهم مخاوف الركود الاقتصادي إثر ضعف المستهلكين عالميًا. وتراجعت أسعار خام برنت بنسبة 7% إلى 65 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ أبريل/نيسان 2021. ويُتوقع أن يغلق مؤشر تقلبات بورصة شيكاغو (VIX)، والذي يعتبر مقياس الخوف في وول ستريت، اليوم عند أعلى مستوى له منذ أكتوبر/تشرين الأول 2020، إذ ارتفع بنحو 80% منذ يوم الأربعاء.
من جهة أخرى، أظهر استطلاع للرأي أجرته فوربس على 50 شخصية مؤثرة في وول ستريت، بما في ذلك مستثمرون مليارديرات ومديرو أموال كبار وخبراء اقتصاديين، أن ثلثي المستجيبين لا يدعمون السياسات الاقتصادية لترامب خلال فترة ولايته الثانية، مع إشارة أكثر من 70% إلى أن طرح سياسته الاقتصادية لم يكن فعالا.
من ناحيته، صرّح الأستاذ في كلية وارتون لإدارة الأعمال بجامعة بنسلفانيا، جيريمي سيجل، حيث تخرج ترامب، لشبكة سي إن بي سي بأن “هذا هو أكبر خطأ سياسي منذ 95 عامًا“.
ترامب يطالب بخفض الفائدة
طالب ترامب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بخفض أسعار الفائدة فورًا، لكن باول لم يُبدِ أي رغبة في ذلك في خطابه اليوم، قائلًا إنه “من السابق لأوانه” تحديد الإجراء التالي للسياسة النقدية.
وحذر باول بشدة من التداعيات الاقتصادية للرسوم الجمركية، قائلًا إنها ستؤدي إلى “ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو“.
ترجمة: هدير عاطف