
تشهد السياسة التجارية للولايات المتحدة تغييرات جذرية تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، حيث تم فرض رسوم جمركية جديدة على واردات بعض الدول، ما أثار قلق الاقتصاديين والمحللين. وحذر الخبراء من أن هذه الإجراءات قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي وتؤدي إلى تباطؤ نموه، إضافةً إلى تداعياتها المحتملة على الاقتصاد العالمي.
نقلت صحيفة “تليجراف” البريطانية، الثلاثاء 4 مارس 2025، عن المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR)، أن الاقتصاد الأمريكي قد يتكبد خسائر تصل إلى 148.6 مليار دولار خلال العام المقبل بسبب هذه الرسوم، ويتوقع المعهد أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي قد ينخفض بنحو نصف نقطة مئوية نتيجة لهذه الإجراءات.
وفي خطوة مفاجئة، فرضت إدارة ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على السلع الكندية والمكسيكية، بالإضافة إلى 10% رسوم إضافية على الواردات الصينية، ورغم النمو القوي الذي شهده الاقتصاد الأمريكي في السنوات الأخيرة، حذر المعهد من أن هذه الرسوم قد تؤدي إلى نتائج عكسية.
توقع المعهد أن التضخم قد يرتفع بنسبة 1% نتيجة لهذه الرسوم، حيث وصل مؤشر أسعار المستهلكين إلى 3% في يناير. وتشير السياسات حتى الآن إلى أن ترامب لن يتوقف عند هذا الحد، ومن المحتمل أن تكون هناك زيادات أخرى في الرسوم الجمركية وتغطية أوسع.
وفي وقت سابق، أعلنت واشنطن رسميًا دخول التعريفات الجمركية المفروضة على المكسيك وكندا حيز التنفيذ، وبحسب صحيفة “نيويورك بوست”، صرح الرئيس ترامب الاثنين بأن كندا والمكسيك “لم يعد لديهما مجال” لإجراء محادثات لتجنب فرض تعريفات جمركية بنسبة 25%، ومن المقرر أن تبدأ هذه الرسوم عند منتصف الليل، إلى جانب تعريفات إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية.
أشار ترامب إلى أن التعريفة الجمركية على السلع الصينية ستزداد إلى 20% بدلًا من 10% التي كانت مفروضة سابقًا، وهو ما أكده مساعدو البيت الأبيض لاحقًا، وتعد الصين والمكسيك وكندا أكبر 3 مصادر للواردات الأمريكية، حيث تمثل مجتمعةً ما يقرب من نصف إجمالي السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، مما يعني أن هذه الرسوم من المتوقع أن ترفع تكاليف المستهلك الأمريكي بشكل ملحوظ.
وتوقع تقرير “تليجراف” أن الاقتصاد المكسيكي قد يدخل في حالة ركود بحلول نهاية العام نتيجة لهذه الرسوم الجمركية. ووفقًا للاقتصاديين في “كابيتال إيكونوميكس”، ومن المتوقع أن ينكمش الاقتصاد المكسيكي بنسبة 1% بسبب عدم توفر المساحة المالية الكافية لدعم الاقتصاد، على عكس الصين وكندا.
تمثل الصادرات المكسيكية إلى الولايات المتحدة حوالي 80% من إجمالي صادراتها وربع ناتجها المحلي الإجمالي. وحذر ويليام جاكسون، كبير الاقتصاديين للأسواق الناشئة، قائلاً: “حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق لرفع هذه الرسوم، فإن التهديد المستمر بالحواجز التجارية الأمريكية سيؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين ويضغط على النمو الاقتصادي للمكسيك”.
تسلط هذه الرسوم الجمركية الضوء على التداعيات الاقتصادية العميقة التي قد تواجهها الولايات المتحدة وشركاؤها التجاريون الرئيسيون، فرغم الأهداف التي تسعى إليها إدارة ترامب من خلال هذه الإجراءات، إلا أن نتائجها قد تأتي بنتائج عكسية، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي ويزيد من الضغوط التضخمية، وتبقى تداعيات هذه السياسات محل متابعة من قبل الخبراء والمحللين لتقييم آثارها على المدى الطويل على الاقتصاد العالمي.