الناخبون اليهود على استعداد للتصويت لصالح ترامب حفاظا على أمنهم

قبل أسبوع من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يستعد أكثر من 600 ألف أمريكي مقيم في إسرائيل للمشاركة في التصويت لاختيار رئيس جديد بين الديمقراطية كامالا هاريس و الجمهوري دونالد ترامب. لكن غالبية الناخبين الذين كانوا يصوتون سابقا لصالح الحزب الديمقراطي يشعرون اليوم بأن الملياردير الأمريكي هو الذي أظهر بشكل جلي “قرابته من إسرائيل” والقادر على “ضمان أمن الدولة العبرية”. “لنركز قبل كل شيء على بقائنا على قيد الحياة وعلى أمن إسرائيل… والباقي سنراه لاحقا”. هذا ما تقوله ريبيكا (52 عاما) وهي أمريكية من نيويورك مقيمة منذ 30 عاما في مدينة القدس.

فانتخابات 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبلة ليست مجرد عملية انتخابية عادية بالنسبة لريبيكا، بل مسألة أمن ووجود لبلادها.

مثل عدد كبير من الأمريكيين المقيمين في إسرائيل، ريبيكا تدرك جيدا بأن قدرة الدولة العبرية على الدفاع على نفسها مرتبطة بالشخص الذي سيتربع على كرسي السلطة في البيت الأبيض بعد 5 نوفمبر/تشرين الثاني. أما مواضيع حقوق النساء والأقليات… فبالنسبة لها سيتم الاهتمام به عندما تنتهي الحرب مع حماس.

ولغاية 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت ريببيكا تأخذ أطفالا فلسطينيين إلى النزهة لكي يتمتعوا بأمواج البحر على متن سيارة تابعة للشركة التي تعمل فيها وخفية عن مالك هذه الشركة.

لكن منذ الهجوم الذي قامت به حماس العام الماضي ضد إسرائيل” كل شيء تغير” بالنسبة لهذه الأمريكية حيث تقول: “أكافح اليوم من أجل البقاء على قيد الحياة. لحد الآن، الحل هو دونالد ترامب. في بعض الأحيان، الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة هو مساندة المرشح الأكثر راديكالية”.

وتتساءل ريبيكا: “هل سيكون وضع النساء والأقليات والعالم والولايات المتحدة كارثي في حال فاز ترامب بالانتخابات الرئاسية؟ نعم سيكون كذلك. لكن على الأقل هو يدعم إسرائيل”.

مثل رييبيكا، قرر أمريكيون آخرون يقيمون في إسرائيل، التصويت لصالح ترامب رغم أنهم لا يشاطرونه جميع الأفكار والمواقف.

من بينهم الشابة ستيفاني (48 عاما) التي قالت لفرانس24: “نعم سأصوت لدونالد ترامب وأصدقاؤه الكاثوليكيون الذين يقودون حربا صليبية. لكن طالما يحموننا، يمكن لهم أن يقوموا بما يريدونه في أماكن أخرى”، تقول هذه الخمسينية التي تعيش في مدينة نتانيا الواقعة شمال إسرائيل.

وأردفت قائلة: “7 أكتوبر قتل تعاطفي مع الفلسطينيين. اليوم لا أريد أن أسمع أي شيء بخصوص السلم بينما لا زال رهائننا يعيشون تحت الأرض”.

ورغم أن الملف الفلسطيني الإسرائيلي لم يكن يحتل مكانة مهمة في الحملات الانتخابية الأمريكية السابقة، إلا أن هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول غيرت الموقف.

 

فأصبح الحديث يدور بكثرة حول الحرب في الشرق الأوسط في قنوات الإعلام الأمريكية وفي الجامعات حسب سارة يائيل هيرشوم، وهي مؤرخة أمريكية وأستاذة في جامعة حيفا بإسرائيل.

هذا، ويطالب الناخبون الأمريكيون في إسرائيل دائما من المرشحين كامالا هاريس ودونالد ترامب أن يوضحا موقفيهما من إسرائيل.

ترامب يزعم بأنه الحامي القوي لهذا البلد والحصن المنيع للدولة العبرية. أما هاريس، فهي تتحدث دائما عن الأصول اليهودية لزوجها وتكرر في خطاباتها بأن الحزب الديمقراطي “يدعم إسرائيل” دون أي مقابل ويهتم بأمنها.

لكن الانتقادات التي وجهتها إدارة بايدن وهاريس لإسرائيل أزعجت بعض الناخبين الذين كانوا يصوتون سابقا لصالح الحزب الديمقراطي حسب أومر، منسق مدرسة مزدوجة في مدينة جافا غرب تل أبيب.

وقال: “العديد من دعاة السلم الإسرائيليين اليساريين والذين كانوا يقدمون الدعم للفلسطينيين ويحاولون جمع الأموال لهم ويؤمنون بالدولتين غيروا مواقفهم. كل شيء تغير. اليوم بتصويتهم لصالح ترامب، فهم يريدون التعبير إما عن كراهيتهم أو عن حسرتهم عما آل إليه الوضع”.

ويبقى تصويت الأمريكيين اليهود سواء في إسرائيل أو الولايات المتحدة مصدر قلق كبير في صفوف الحزب الديمقراطي، وفق دوني لكوم، مدير الأبحاث في معهد البحوث الدولية بمعهد العلوم السياسية بباريس.

ويقول: “تصويت اليهود له وزن في الانتخابات. صحيح أنه لا يمثل على المستوى الوطني سوى 2 بالمائة لكنه مهم في بعض الولايات المتأرجحة. فعلى سبيل المثال يمثل هذا التصويت 1.3 بالمائة في ولاية جورجيا و3.5 بالمائة في بنسلفانيا و3 بالمائة في أريزونا. يكفي فقط أن يتحصل مرشح ما على 0.5 بالمائة لكي يتغير كل شيء”، مذكرا أن “جو بايدن فاز بولاية أريزونا بحصوله فقط على 0.3 بالمائة من الأصوات في 2020”.

وإذا كانت هاريس تعول على أصوات اليهود في الولايات المتأرجحة (71 بالمائة من الناخبين اليهود أعلنوا أنهم سيصوتون لصالحها) فيجب الإشارة إلى أن هذه النسبة هي الأضعف التي يسجلها الديمقراطيون منذ عهد الرئيس دونالد ريغان وفق استطلاع للرأي أجراه معهد منهاتان.

وقبل أسبوع فقط من موعد الانتخابات، يسعى كل مرشح إلى إقناع الناخبين اليهود. ففي أوج الحملة الانتخابية، قرر بايدن إرسال عسكريين أمريكيين إلى إسرائيل لتنصيب نظام دفاعي مضاد للصواريخ يطلق عليه اسم “ثاد”.

ويرى دوني لنكوم أن هذا القرار “سيجعل الناخبين اليهود يصوتون لصالح الحزب الديمقراطي”. أما ترامب، فلقد وعد بالذهاب من أجل البحث شخصيا على الرهائن. وقال: “أنا هو الشخص الذي سيحميكم. ليس لديكم من يحميكم في الجهة المقابلة (يقصد الحزب الديمقراطي)”.

ويعتقد الباحث دوني لنكوم، أن الوضع في إيران هو الذي سيكون مفصليا في الانتخابات الأمريكية وليس إسرائيل.

وشرح: “نشوب حرب إقليمية بمشاركة إيران ستساعد أكثر ترامب في الفوز بالانتخابات الرئاسية لأن الناخبين اليهود يعتقدون بأنه يملك خبرة أكثر في السياسة الخارجية مقارنة بهاريس”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *