
بعيداً عن الصورة البراقة لمشروع نيوم السعودي الضخم للاستثمارات لعام 2030 ، الذي يكلف المملكة العربية السعودية تريليونات الدولارات، إلا إنه يخبئ في الحقيقة صورة مظلمة لظروف بناء هذا المشروع على أكتاف عمّال أجانب أظهرت عدة تحقيقات وجود انتهاكات كبيرة بحقهم.
ورد في عدة تحقيقات لمنظمات حقوقية أن العمال المهاجرين في مشروع نيوم السعودي الذي من المقرّر أن يضم مدينة ذات ثمانية جوانب تطفو على الماء، ومنتجعات فاخرة على البحر الأحمر، يشتكون من العمل في ظروف قاسية وصعبة للغاية إذ يُجبرون على العمل لساعات طويلة خارج الإطار القانوني للعمل، وفقًا لفيلم وثائقي، تم تصويره بشكل سري، على قناة ITV، بحسب ما ورد في صحيفة ” ميدل إيست آي” Middle East Eye.
تحقيق آخر في مجلة “ذا صن” The Sun البريطانية كشف عن أن 100 ألف عامل اختفوا أثناء العمل في مشروع نيوم السعودي والذي يروّج له عبر صور سينمائية لمّاعة، ويفيد التحقيق أن هؤلاء العمّال إما تم ترحيلهم دون الوثائق المناسبة، أو تُرِكوا دون دعم، أو في أسوأ الحالات، ماتوا بسبب ظروف العمل السيئة ونقص الرعاية الطبية الكافية.
لكن المملكة خفضت في الفترة الأخيرة من مشروع مدينة نيوم (الخط)، الذي كان من المفترض أن يمتد على مسافة 170 كيلومتر بعرض بضعة مئات من الأمتار، وأن يأوي 1.5 مليون نسمة، لكنه سيمتد حالياً على مسافة 2.5 كيلو متر فقط وسيضم 300 ألف نسمة. واعتبر وزير المالية أن سبب التعديلات هو الأوضاع الجيوسياسية وإمكانيات الدولة.
وفي هذا الشريط الوثائقي السري يقول أحد العمّال إنه يعمل بانتظام مدة 16 ساعة متواصلة خلال 14 يوماً لبناء “ذا لاين”، المدينة الضخمة التي يتم بناؤها في شمال غرب المملكة العربية السعودية.
وهذا يتنافى تماماً مع ما ينص عليه القانون السعودي الذي يحدد ساعات العمل ب 60 ساعة كحد أقصى في الأسبوع، بما في ذلك العمل الإضافي، تذكر الصحيفة.
بالإضافة إلى فترات العمل الطويلة، يقول أحد العمال إنه يتعين عليهم ركوب حافلة غير مدفوعة الأجر لمدة ثلاث ساعات للوصول إلى الموقع الصحراوي والعودة، مما يترك لهم حوالي أربع ساعات للنوم.
وفي شهادة أخرى في هذا الفيلم الوثائقي يقول أحدهم “نحن نعمل كثيراً ولدينا القليل من الوقت للراحة. ينتابنا التعب ونعاني من القلق ليل نهار”، مضيفا “السعودية لا تهتم كثيراً بالمواطنين من الدول الأخرى. نحن نعامل مثل المتسولين”.
ويقول عامل آخر، وهو يرفع أكوامًا من الصخور والأوساخ، إن العمّال “يعملون دون توقف”، مضيفاً “نحن لا نحصل على ما يكفي من الراحة”. “إن قلة النوم تسببت في العديد من الحوادث”.
تَعِد المدينة الضخمة في السعودية بتحويل اقتصاد البلاد، وتقليل اعتمادها على النفط، ووضعها كقوة عالمية في مجال الابتكار.
والعمّال المهاجرون يشكّلون ثلاثة أرباع القوى العاملة في المملكة العربية السعودية، ولهم أهمية بالغة بالنسبة لمشاريع رؤية 2030 التي تعدّ جزءًا من استراتيجية المملكة لتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
وبحسب ما جاء في صحيفة Middle East Eye استنادا إلى البيانات الصادرة في الهند وبنغلاديش ونيبال، يذكر الفيلم أن 21 ألف عامل أجنبي من الدول الثلاثة لقوا حتفهم منذ إطلاق رؤية 2030 قبل ثماني سنوات في عام 2016.
وفي هذا الوقت، أخبرت إدارة نيوم صانعي الفيلم أنها تقوم بتقييم الادعاءات الواردة في الفيلم السري وستتخذ الإجراءات المناسبة عندما يكون ذلك مطلوبًا.