
يواجه أربعة صحفيين سودانيين محتجزين في مركز للاجئين في مصر الترحيل الوشيك إلى السودان، ويُخشى من تعرضهم لأعمال انتقامية بسبب عملهم الصحفي، بينما تتصاعد المناشدات للسلطات المصرية لمنع هذا الترحيل وإطلاق سراحهم وضمان حمايتهم.
في 23 أيلول/ سبتمبر 2024 وأثناء تسجيل مقابلة مع محمد حسن بوشي، المدافع السوداني عن حقوق الإنسان المنفي في مصر، للقناة التلفزيونية السودانية “سودان بكرة”، ألقت السلطات المصرية القبض على 4 صحفيين سودانيين يقيمون فيها.
كان هؤلاء الصحفيون الأربعة الذين يحملون بطاقات تسجيل مؤقتة كطالبي لجوء صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد فروا من بلدهم الذي مزقته الحرب، بعدما أصبحوا ضحايا لانتهاكات من قبل الطرفين المتحاربين.
ومنذ اعتقالهم خاض الصحفيون الأربعة العديد من الإجراءات القضائية والإدارية الفوضوية، وسط تهديداتٍ تتراوح بين التهديد بالترحيل إلى السودان والأمل في إيجاد ملجأ في بلد أكثر أمانًا، مثل أوغندا.
أثار احتجاز الصحفيين ردود أفعالٍ داخل وخارج السودان، إذ قالت منظمة (سودان بكرة) للإعلام التي يعمل لصالحها الصحفيين في بيانٍ إثر الاعقتال في سبتمبر/ أيلول الماضي إنها تتابع بقلق بالغ التطورات الأخيرة المتعلقة بتوقيف بعض منتجي المحتوى الذين يشاركون في إعداد أو إنتاج محتوى لمنصتها من ضمن الذين لجأوا إلى مصر بسبب الحرب”.
وتابعت المؤسسة في بيانها: “رغم عدم وجود مكتب لنا في جمهورية مصر العربية، فإننا نعتبر هؤلاء الزملاء جزءاً لا يتجزأ من عائلتنا الإعلامية والإنتاجية. من منطلق مسؤوليتنا الأخلاقية والمهنية، نؤكد التزامنا الكامل بدعمهم في هذه الفترة العصيبة”، مبديةً التزامها بمتابعة هذه القضية عن كثب، وماصلة بذل كل الجهود الممكنة لدعم الزملاء المحتجزين.
لكن لم يتغر شيء إذ استمر اعتقال الصحفيين ما دفع جوناثان داغر رئيس مكتب الشرق الأوسط في منظمة “مراسلون بلا حدود” لإصدار بيان يطالب فيه السطات المصرية عدم ترحيلهم إلى السودان.
وقال داغر في بيانه: “لا ينبغي احتجاز أو ترحيل هؤلاء الصحفيين اللاجئين الأربعة لمجرد قيامهم بعملهم: تغطية حرب لم يعد بإمكانهم توثيقها من بلدهم الأصلي بسبب الخطر الوشيك على حياتهم. إن إعادة هؤلاء الإعلاميين إلى السودان لن يشكل انتهاكًا صارخًا لحقهم في الأمان فحسب، بل سيعرضهم أيضًا لخطر جسيم، نظرًا للأعمال الانتقامية التي سيتعرضون لها. ندعو السلطات المصرية إلى وقف إجراءات الترحيل. يجب إطلاق سراح هؤلاء الصحفيين وضمان حمايتهم”.
بحسب مصادر سودانية لموقع سودانس بوست، فأن السلطات المصرية قررت إبعاد صحفيين وإعلاميين سودانيين، بينهم الصحفي علي فارساب، بدواعي العمل دون ترخيص، وأشارت المصادر إلى المساعي الرامية لترحيل المبعدين لوجهات يختارونها بعد اكتمال الترتيبات المطلوبة.
وأضاف الموقع السوداني نقلًا عن المصادر أنه تم بالفعل إكمال الإجراءات المطلوبة لأحد الصحفيين المبعدين من مصر قبل أيام وتم ترحيله إلى السودان، ورهنت إجراءات بقية المبعدين لحصولهم بطاقات التماس اللجوء الصادرة عن مفوضية شؤون اللاجئين.
وبحسب المصادر لم يتمكن الدعم القانوني التابع للمفوضية من التدخل بسبب أن الأمر يتعلق بقوانين الدولة الداخلية.
من جانبها قالت منظمة “مراسلون بلا حدود” إن “الأمل في اللجوء انطفأ”، عندما تم وضع الصحفيين في سجن عسكري في مدينة أسوان لتسهيل ترحيلهم براً، وفقًا لمحاميتهم إقبال أحمد علي.
وفي هذا السياق قالت المحامية لمنظمة “مراسلون بلا حدود”: “إن إصرار الأطراف المعنية على التصرف ضد هؤلاء الصحفيين أمر مدهش، لدرجة أننا بدأنا نخشى أن يتم استخدام وضعهم كصحفيين ضدهم. بعد ما يقرب من شهر في الاحتجاز، ما نراه هو عدم التنسيق بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والسلطات المصرية”.
فيما نوهت مصادر لـ”مهاجر نيوز” أن مصر التي تحتل المرتبة 170 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي الذي أنشأته مراسلون بلا حدود في عام 2024، قد يكون لديها أسباب سياسية وراء إبعاد الصحفيين، كون قناة “سودان بكرة” التي يعمل لصالحها الصحفيون، تتبع لـ”تجمع المهنيين السودانيين” المعارض، الذين يعارضون المجلس العسكري بقيادة البرهان حليف مصر.
ومنذ الحرب التي اندلعت في السودان في نيسان/ أبريل 2023، بين قوات الدعم السريع والمجلس العسكري، فقد الصحفيون السودانيون العاملون في الصحف الورقية وظائفهم بسبب الحرب، وتم إتلاف ونهب وإحراق دُور الصحف والمطابع، وتدمير المباني التابعة للقنوات التليفزيونية والإذاعات الخاصة والحكومية التي كانوا يتعاونون معها.
كما واجه كثير من الصحفيين السودانيين متاعب أكبر في الواقع من تلك التي اعتادوها، من قَبيل عجزهم عن توفير متطلبات الحياة الضرورية لأسرهم في ظل رحلة نزوح ولجوء قسرية ما زالت مستمرة جراء الحرب.
بينما ومنذ يوليو/ تموز 2024، نفذت مصر اعتقالات جماعية وترحيلات غير قانونية لآلاف السودانيين، بحسب ما نقلت وكالة (رويترز) عن منظمة العفو الدولية.
وأكدت المنظمة الدولية وقتها أنها وثقت 12 حادثة أعادت فيها السلطات المصرية ما يقدر بنحو 800 مواطن سوداني بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار 2024، دون منحهم فرصة المطالبة باللجوء أو الطعن في قرارات الترحيل.
وقالت أيضا إنها وثقت بالتفصيل حالات 27 لاجئا سودانيا اعتقلوا بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ومارس/ آذار 2024، وكان 26 منهم من بين الذين طردوا جماعيا. وأضافت أن اللاجئين احتُجزوا في ظروف قاسية وغير إنسانية قبل ترحيلهم.
ولفتت المنظمة إلى أن العدد الإجمالي للاعتقالات والترحيل غير واضح حيث لا توجد إحصاءات متاحة للجمهور. وقالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الآلاف رُحِّلوا في أواخر العام الماضي، وكثير منهم سودانيون.
المصدر: مهاجر نيوز