عبور 100 ألف شخص الحدود من لبنان إلى سوريا وتدفق النزوح مستمر

هربا من الغارات الإسرائيلية على لبنان، عبر حوالي 100 ألف شخص الحدود إلى سوريا خلال الأسبوع الماضي، وفقا لتقديرات مفوضية اللاجئين، فيما لا يزال تدفق النازحين مستمرا. ويعيش المدنيون واقعا صعبا أثناء رحلة هروبهم مع استمرار القصف واستهداف بعض المناطق الحدودية، فيما يواجه السوريون الهاربون من لبنان “معاناة مضاعفة” بعدما كانوا يعيشون أصلا في حالة ضعف.

تحت القصف الإسرائيلي وهربا من الأعمال العدائية المكثفة منذ مطلع الأسبوع الماضي، اضطرت عشرات آلاف العائلات في لبنان إلى الفرار من منازلها والنجاة بحياتها، إما شمالا داخل البلاد أو باتجاه سوريا عبر الحدود الجبلية الطويلة المشتركة بين البلدين.

ونظرا لنزوح أعداد كبيرة من اللبنانيين والسوريين خلال أيام قليلة، تتراكم الصعوبات لتلبية الاحتياجات المتزايدة مع فرار الكثير من بيوتهم برفقة أطفالهم على عجل. إذ تشير آخر تقديرات مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة “إلى أن ما يقرب من 100 ألف شخص (حوالي 60% منهم سوريون و40% لبنانيون)، عبروا من لبنان إلى سوريا منذ تصاعد الأعمال العدائية في لبنان”.

ونقلت المفوضية عن الرجل علي كيفية هروبه من منزله تحت القصف، راويا معاناة الهروب من منزله مسرعا دون أن يتمكن من جلب ممتلكاته واحتياجاته الأساسية.

وكان هناك عدد لافت للنظر من الأطفال الصغار بين الوافدين الجدد، إذ بحسب الأمم المتحدة 60% من الذين عبروا نقاط الحدود كانوا دون سن 18 عاما. وحدثت العديد من حالات الطوارئ الطبية، وكان معظمها نتيجة للإرهاق والجفاف الناجم عن الرحلة الطويلة.

ممثل مفوضية اللاجئين في سوريا قال إن هناك أعداد كبيرة من النازحين على الحدود بعدما اضطروا للفرار من القصف “ويعبرون الحدود إلى بلد يعاني من أزمة قائمة وأعمال عنف منذ 13 عاما”. إذ تتواجد المفوضية في 4 معابر حدودية مع لبنان، إلى جانب السلطات المحلية والهلال الأحمر”.

في جديدة يابوس، قرب المعبر الحدودي المعروف باسم “المصنع” والذي يشهد التدفق الأكبر من النازحين، نصبت المفوضية خيمة كبيرة لتوفير مساحة إضافية للوافدين الجدد الحاملين معهم ما بوسعهم من ممتلكات. ونشرت فيديو من نقطة الحدود تظهر فيه عائلات افترشت الأرض إلى جانب حقائب كبيرة وتواجد عدد كبير من النساء والأطفال الصغار.

المتحدثة الرسمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان سالي عون قالت في لقاء على فرانس 24 إن الاحتياجات الإنسانية تتزايد على مدار الساعة مع تصاعد الأحداث في لبنان وارتفاع أعداد النازحين، وتحاول فرق اللجنة الدولية تلبية هذه الاحتياجات تبعا لتغير الأوضاع على الأرض.

وتحذر لونا حمّاد المنسقة الطبية في منظمة “أطباء بلا حدود” في لبنان، من الاحتياجات الكبيرة “الناس ناموا في الشوارع، المدارس ممتلئة بالنازحين بالكامل، أكثر من 500 مدرسة فتحت أبوابها وامتلأت. لا مكان يلتجئ إليه الناس. عدد الجرحى كبير جدا”.

ويستمر القصف الإسرائيلي فيما أورد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة اللبنانية، أنه في الساعات الأربع والعشرين الماضية توفي أكثر من 100 شخص وأصيب 395 بجروح، في بلدات وقرى جنوب لبنان والبقاع وبعلبك الهرمل والضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني نجيب ميقاتي خلال مؤتمر صحفي أمس الأحد “هناك 778 مركز إيواء، يضمون حتى الآن 118 ألف شخص”، لكن “المقدر أن عدد النازحين أكبر بكثير من هذا العدد وقد يصل لحد المليون شخص” نزحوا في الأيام الأخيرة من جنوب البلاد وشرقها ومن الضاحية الجنوبية لبيروت.

وأضاف “قد تكون هذه أكبر عملية نزوح حصلت في المنطقة ولبنان”.

كما ذكرت وسائل إعلام سورية أمس الأحد أن غارة إسرائيلية استهدفت موقعا قرب حاجز لقوات النظام السوري في منطقة وادي حنا في القصير ريف حمص. وانتشرت تقارير عن استهداف أربعة معابر حدودية خلال اليومين الماضيين وذلك مع تأكيد إسرائيل نيتها الحد من تحركات حزب الله اللبناني والحد من نقل سلاحه.

مفوضية اللاجئين ذكرت أيضا أن النازحين السوريين في لبنان يواجهون صعوبات في الوصول إلى الملاجئ الجماعية أو العثور على السكن.

في 24 أيلول/سبتمبر، أخلى الجيش اللبناني مدرسة في منطقة البقاع كان نزح إليها سوريون هربا من القصف الإسرائيلي، بحسب مركز “وصول” الذي أشار إلى أن الجيش وضع تلك المدرسة “تحت تصرف النازحين اللبنانيين” فيما بقي السوريون دون مأوى.

ما السوريين الذين نزحوا عائدين باتجاه بلدهم فاشتكوا خلال الأيام الماضية من تعرضهم لمعاملة تمييزية من قبل سلطات النظام السوري، وأعرب البعض عن مخاوفه من أن يُجبر على أداء الخدمة العسكرية في ظل الظروف الراهنة.

كما استمرت سلطات الحدود بإجبار كل سوري يريد دخول بلده تصريف 100 دولار (وفقا لسعر المصرف المركزي ما يؤدي إلى خسارة 40% من قيمتها). إلا أن مجلس الوزراء قرر أخيرا أمس الأحد 29 أيلول/سبتمبر وقف العمل بهذا الشرط لمدة أسبوع واحد فقط.

وتعليقا على ذلك، قالت المفوضية في بيان إن “الشعور بالارتياح كان ملموسا بين الحشود السورية، التي كان كثير منها منهكا بعد ساعات من الانتظار، وبعضها لأيام، من أجل التوصل إلى حل لهذا الحصار الذي يمنع دخولهم”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *