
مقاطعة خمسة أساقفة للسينودس الكلداني، سابقة خطيرة، بالرغم من أن المطلوب منهم (في ظروف كهذه) أن يكونوا يداً واحدة مع غبطة البطريرك لويس روفائيل ساكو من أجل مواصلة الكنيسة رسالتها النبيلة كما وعدوا يوم رسامتهم. هذه ليست المرَّة الأولى في التاريخ (طالع سير البطاركة، للبطريرك ساكو 2023). إنها الطبيعة البشرية!
لربما يسأل سائل لماذا الإعلام؟ الإجابة المنطقية هي: مستقبل الكنيسة الكلدانية. فالمُستهدف من هذه العملية لم يكن شخص البطريرك فحسبْ، انما الكنيسة. يبدو ان سحب المرسوم (147 لعام 2013) ومن قِبل جهة معروفة! أوحى للبعض بالنهاية، فأسال لعابهم!
من المؤسف ان ينخدع مطران أربيل بوعود تلك الجهة، ويقبل ان يصبح عرّابها. انه لم يستنكر سحب المرسوم فقط، بل دَعمَ ذلك وإقترحَ بديلاً “حجة التولية”. وسانَدَ هذه الجهة السياسية إعلامياً (في مقابلة على قناتها)، بالرغم من معرفته بتجاوزها على الكنيسة، وعلى حقوق المسيحيين، والاستحواذ على أملاكهم. وعندما عاد من الولايات المتحدة الامريكية إتصل بغبطته ليزوره، لكن البطريرك ساكو طلب منه إصدار بيان يستنكرُ فيه سحب المرسوم، فرفَض، في حين استنكر هذا العمل العديد من رجال دين مسلمين، فكم بالأحرى أساقفة كنيستنا!
البطريرك، المعروف بحكمته، استعمل سياسة النفس الطويل في التعامل مع هذه التجاوزات للمحافظة على سمعة الكنيسة، لكنهم فجَّروها بمقاطعتهم السينودس. فأجبروا غبطته على حسم الموضوع بأحد السبيلين:
- عن طريق الاعتذار الرسمي العَلَني أو
- عن طريق القضاء الكنسي
وقد تداول غبطته مع أحد الخبراء القانونيين الفاتيكانيين، وكلَّفه بدراسة الوثائق التي أرسلها اليه، وقد اعدَّ تقريراً مفصَّلاً عن كل اُسقف لتقديمه الى قداسة البابا فرنسيس مباشرةً، لكون موضوع الأساقفة متعلق به.
وتبعاً لِما آلت اليه الامور اليوم، يتوجب على هؤلاء الأساقفة الخمسة، الّا يعيشوا في الوهم، بل عليهم ان يراجعوا حساباتهم ورِهانهم ويضعوا مصلحة الكنيسة فوق كل الاعتبارات. كل كاهن واسقف ينبغي أن يكون أصيلاً وصادقاً، وشفافاً وخادماً أميناً للمسيح وللرعية. الكنيسة ستبقى لأنها كنيسة المسيح وهو من يحميها، والجهة التي استهدفتها لن تدوم.
البطريرك خلال السنوات الماضية، قام بحلِّ العديد من مشاكل الأبرشيات ودَعَم المحتاجة منها مادياًّ، لكن العرفان بالجميل بضاعة غير رائجة في مجتمعنا اليوم.في تصريحات غبطته لم يخوِّن أحداً ولم يتَّهم أحداً جِزافاً، بل استند الى وقائع ووثائق.على سبيل المثال لا الحصر، اُسقف أربيل يرفض تسديد ديون أشخاص عملوا في أبرشيته، وكذلك اُسقف دهوك ولدى البطريركية الوثائق.
ثم، هل يُعقل ان يتحول اُسقف أربيل الى بوّاب جهنَّم بقوله للبطريرك: “سوف افتح عليكَ باب جهنم”. ما يروِّجه الأساقفة الخمسة بأن ليس للاساقفة حرية للتعبير عن رأيهم في السينودس، عارٍ عن الصحة، ولماذا ظهر هذا الكلام “فجأةً” بعد 11 سنة من بطريركيته؟ كان آباء السينودس الأخير (2024) قد بادروا بتوجيه رسالة الى الأساقفة المقاطعين يدعونهم فيها الى الانضمام الى السينودس، لكنهم رفضوا.
وبعد أن سار السينودس بنجاح، قاطع هؤلاء الأساقفة وكهنتهم الرياضة الروحية، وقرروا سحب تلاميذهم من المعهد الكهنوتي (السيمينير)، مما يشكل خرقاً وَخيماً يُلقي بظِلاله على طبيعة تنشئة التلاميذ في علاقتهم مع السلطة الكنسية، فضلاً عن إثارة الشكوك.
على كلّ حال، ثمة مطالبة للسينودس باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لهذه المخالفات الواضحة للعيان. وموقع البطريركية ينشر قوانين العقوبات لمن لم يطَّلع عليها.أخيراً، تدعو البطريركية الجميع الى الصلاة لإظهار الحق، فيمتليء قلب الكنيسة ومؤمنيها تعزيةً ورجاءً وفرحاً.تمنح هؤلاء الأساقفة فرصة للاعتذار وإصلاح الأمر حتى الخامس من أيلول 2024، بعده سيقدم التقرير الى قداسة البابا فرنسيس لإتخاذ الإجراء المناسب لكل واحد من الأساقفة الخمسة.