اليوم تذكار استشهاد القديس مار مرقس الرسول

اليوم تذكار استشهاد القديس مار مرقس الرسول

تحتفل، اليوم، الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بذكرى استشهاد القديس مارمرقس الرسول المعروف بـ«كاروز الديار المصرية»، إذ أدخل المسيحية إلى مصر عام 61 ميلاديًا. ويلقب القديس مارمرقس الرسول بالعديد من الألقاب منها «الإنجيلي»، إذ كتب أصغر إنجيل في العهد الجديد يسجل فيه حياة المسيح ومعجزاته، وذلك وفقًا للكنيسة.

كما كتب «تلميذ المسيح الطوباي» القداس الإلهي في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وأسس مارمرقس اول مدرسة لاهوتية بالإسكندرية لمواجهة الوثنية كما كانت تعد مركزًا لنشر الثقافة والتي تمثل حاليا الكليات الاكليريكية، كما عرف البابا مرقس الأول بـ “مبدد الأوثان”.

كان مرقس الرسول يهودياً من سبط لاوي ودعي باسم يوحنا، واسمه الروماني مرقس (مرقس: كلمة لاتينية بمعنى طارق أو مطرقة). وُلِدَ في درنابوليس إحدى الخمس مدن الغربية بليبيا. والده أرسطوبولس هو ابن عم أو ابن عمة زوجة بطرس الرسول، وأمه مريم هي إحدى المريمات اللائي تبعن السيد المسيح، وهي أخت برنابا الرسول. ويَمُت القديس مرقس أيضاً بصلة قرابة للقديس توما الرسول.

هجمت القبائل الهمجية على أملاك أسرته في موطنه بليبيا ونهبتها، فاضطرت الأسرة للهجرة إلى فلسطين. وكان بيت مار مرقس هو المكان الذي يجتمع فيه الرب مع تلاميذه (أع 1: 13، 14)، وفيه حل الروح القدس يوم الخمسين (أع 2: 1 – 4)، وإليه لجأ القديس بطرس بعد أن أخرجه الملاك من السجن (أع 12: 12).

مرقس هو الرجل حامل جرة الماء، والذي أعد السيد المسيح الفصح في عِلِّيَّة بيته (مر 14: 13 – 15) أول شخص اجتذبه مرقس إلى الإيمان هو أبوه، وذلك عندما كانا سائرين في طريقهما إلى الأردن فلاقاهما أسد، ولما أراد الأب أن ينقذ ابنه بالهروب، قال مرقس لأبيه: ” إن السيد المسيح الذي بيده نسمة كل منا لا يدعه يؤذينا “، ثم صلى فانشق الوحش، فآمن أرسطوبولس بالمسيح. وأصبح شعار مرقس الرسول هو الأسد بسبب هذه المعجزة، وأيضاً لأن بداية إنجيله ” صوت صارخ في البرية “(مر 1: 3).

في سنة 45م تقريباً صاحب مرقس بولس وبرنابا في رحلتهما الأولى، وبشر معهما في سلوكية (أع 13: 4، 5) وقبرص، وذهب معهما حتى برجة بمفيلية ثم فارقهما ورجع إلى أورشليم (أع 13: 13)، الأمر الذي آلم قلب القديس بولس فرفض أن يأخذ معه مرقس في رحلته التبشيرية الثانية. وتسبب ذلك في حدوث مشاجرة بين بولس وبرنابا حتى فارق أحدهما الآخر، فأخذ بولس سيلا معه، أما برنابا فأخذ معه مرقس ابن أخته وذهب إلى قبرص (أع 15: 36-41). على أن القديس بولس عاد فعرف أهمية مرقس للخدمة فاستدعاه للخدمة معه في كولوسي. ومعروف أن مرقس اشترك مع بولس في تأسيس كنيسة روما، كما أن أهل البندقية وأكويلا بإيطاليا يقولون أنه بشرهم، ولكن كرازته الأساسية كانت في الإسكندرية والخمس مدن الغربية.

وقد امتد كرسي مار مرقس بعد استشهاده إلى النوبة والسودان وإثيوبيا.وصل القديس مرقس إلى الإسكندرية سنة 60م أو 61م، وعندما وصل إلى هناك تمزق حذاؤه بسبب طول المسافة التي قطعها سيراً على قدميه. فلجأ إلى إسكافي يدعى إنيانوس لإصلاح الحذاء، الذي ما أن بدأ في إصلاحه إلا ودخل المخراز في يده، فصرخ قائلاً: eioc ?eoc” ايس ثيئوس ” أي ” يا الله الواحد “، فتفل القديس مرقس على الأرض وصنع طيناً وطلى الإصبع فالتأم الجرح. وبدأ يحدثه عن السيد المسيح والخلاص الذي أتمه على الصليب، والقيامة المحيية، حتى آمن إنيانوس وكل بيته، فعمَدهم القديس مرقس، واتخذ من بيته مكاناً يجتمع فيه للخدمة والتبشير.

وبعد أن آمن كثيرون أسس مار مرقس المدرسة اللاهوتية وعهد بإدارتها إلى القديس يسطس، الذي صار فيما بعد البطريرك السادس للإسكندرية. ثم وضع القديس مرقس القداس المعروف الآن بالقداس الكيرلسي. ولما ازدهرت الكنيسة الإسكندرية، اغتاظ الوثنيون وفكروا في قتله، فنصحه المؤمنون أن يبتعد قليلاً، فرسم إنيانوس أسقفاً على الإسكندرية حوالي سنة 62م تقريباً ومعه ثلاثة من الكهنة وسبعة من الشمامسة. ثم ذهب مار مرقس إلى الخمس مدن الغربية ابتداءً من سنة 63م إلى سنة 65م. وبعد ذلك ذهب إلى روما وحضر استشهاد القديسين بطرس وبولس سنة 67م، ثم رجع إلى الإسكندرية وعكف على الرعاية والكرازة.

وفي اليوم التاسع والعشرين من برموده سنة 68م، كان المسيحيون يحتفلون بعيد القيامة المجيد في كنيسة بوكاليا، وكان عيد الإله سيرابيس في نفس اليوم، فهجم الوثنيون على الكنيسة وقبضوا على القديس مرقس وجروه وهم يصيحون: ” جُروا التنين في دار البقر “. وبعد أن جروه وضعوه في سجن مظلم، وفي نصف الليل ظهر له ملاك الرب وشفاه وقواه، ثم ظهر له المخلص وعزاه.

واستشهد القديس مارمرقس الرسول عام 68 ميلاديا، بحسب الاعتقاد المسيحي، حيث عجم الوثنيون على الكنيسة أثناء الاحتفال بعيد القيامة في هذه السنة وسحلوه في شوارع الإسكندرية كلها حتى سالت دماؤه، ثم سجنوه في سجن مظلم حتى الصباح ثم سحلوه حتى موته، بحسب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وصلى على جسده البطريرك التالي له «البابا انيانوس» البطريرك الثاني للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وكان معه الشعب والاكليروس.

ودفن البطريرك الأول في قبر منحوت داخل الكنيسة بوكاليا “دار البقر”  ومقرها الحالي الكنيسة المرقسية بمحطة الرمل بالإسكندرية، وقد أصبحت المقر الرسمي للآباء البطاركة.

ويذكر سنكسار اليوم، أنَّ جسد القديس مارمرقس تمّ سرقته وتهريبه إلى فينيسيا وتمّ بناء كنيسة كبيرة تعتبر من أفخم الكنائس في العالم، وفي عام 1968 قام البابا كيرلس السادس بالتواصل مع البابا بولس السادس لإعادة رفات القديس، وبالفعل تمّ الاتفاق على اقتسام جسد مارمرقس بين الكنيستين في مصر وفينيسيا، وقد سافر وفدًا من الكنيسة القبطية إلى روما لتسلم رفات القديس يوم 22 يونيه 1968 وعاد به إلى القاهرة 26 يونيو من نفس العام وأقام البابا كيرلس السادس أول قداس بالكاتدرائية المرقسية الأنبا رويس وتمّ وضع رفات الجسد أسفل مذبح الكنيسة وحتى الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *