
تبدأ محكمة الجنايات في باريس الإثنين النظر في قضية الجهادي الفرنسي بيتر شريف ساعية إلى تبيان الحقائق بشأن أعوام أمضاها في اليمن وعلاقته بأحد منفذي الهجوم على مجلة شارلي إيبدو عام 2015، والذي تبناه تنظيم القاعدة.
فيما أدرج مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة العام 2015، اسم بيتر شريف على قائمة العقوبات المفروضة على تنظيم “الدولة الإسلامية” وتنظيم القاعدة.سيمثل الإثنين الجهادي الفرنسي بيتر شريف البالغ حاليا 42 عاما أمام محكمة الجنايات في العاصمة الفرنسية باريس، بتهمة “تشكيل عصابة مجرمين إرهابيين” بين العامين 2011 و2018، حين كان في اليمن في صفوف تنظيم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب” الذي تبنى الهجوم على مقر المجلة الساخرة شارلي إيبدو في باريس.
هذا، وسيتعين عليه الرد على تهمة الضلوع في خطف وحجز حرية ثلاثة فرنسيين في اليمن كانوا يعملون مع منظمة “تريانغل جينيراسيون أومانيتير” الإنسانية، على مدى أكثر من خمسة أشهر خلال العام 2011.
واعتنق بيتر شريف الإسلام في العام 2003، ويكنى “أبو حمزة”. ويواجه المتهم عقوبة السجن مدى الحياة.
ونشأ شريف مع الشقيقين سعيد وشريف كواشي منفذي هجوم شارلي إيبدو، في شمال شرق باريس، وكان مثلهما ضمن مجموعة إرهابية عرفت باسم شبكة بوت-شومون بقيادة الداعية فريد بن ياتو.
وبعد أشهر من انتقاله إلى العراق في العام 2004، اعتقلته القوات الأمريكية في مدينة الفلوجة على هامش المعارك الضارية التي خاضتها مع الجهاديين هناك.
وأصدر القضاء العراقي حكما بسجنه 15 سنة في 2006، إلا أنه تمكن من الفرار إلى سوريا في 2007 حيث اعتقل مرة أخرى ثم تم ترحيله في العام التالي إلى فرنسا حيث خضع لإجراءات قضائية.
وبدأت محاكمته في مطلع 2011، لكنه فر قبل صدور حكم يدينه بالسجن خمسة أعوام، ووصل إلى اليمن عبر تونس وعُمان.
وإلى ذلك، أمضى سبعة أعوام في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، قبل أن ينتقل في 2018 إلى جيبوتي برفقة زوجته التي توفيت لاحقا، وطفليه. وتم توقيفه بعد ثلاثة أشهر وسُلم إلى فرنسا.
ووفق الاتهامات، تعرف شريف في اليمن إلى أنور العولقي، وهو داعية يمني يحمل الجنسية الأمريكية تزعم “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”، واغتيل بضربة من مسيرة أمريكية في 2011.
ويُتهم شريف بـ”المشاركة في نشاطات عسكرية” للتنظيم الذي كان يعد أخطر أذرع القاعدة، و”المساهمة في صناعة عبوات ناسفة بدائية، والبحث عن أهداف لهجمات” يشنها المتطرفون. كما يُشتبه بضلوعه في احتجاز الفرنسيين الثلاثة الذين خطفوا في 28 أيار/مايو 2011.
ويتهمه قضاة مكافحة الإرهاب الفرنسيون أيضا بـ”تسهيل انخراط أحد الشقيقين كواشي، على الأرجح شريف، في صفوف” تنظيم القاعدة في اليمن، وأنه كان “على علم” بـ”المهمة” التي أوكلها فرع التنظيم إلى صديق طفولته بتنفيذ هجوم في فرنسا، وذلك خلال زيارة قام بها كواشي إلى اليمن في صيف 2011.
ونفى شريف خلال التحقيق معرفته بهذه المهمة. ولزم الصمت خلال الاستماع له كشاهد في قضية هجوم شارلي إيبدو في كانون الثاني/يناير 2015، مشددا على أن “لا علاقة” له بالعملية التي أودت بحياة 17 شخصا بينهم 12 قتلوا على يد الأخوين كواشي اللذين أردتهما قوات الأمن الفرنسية بعد يومين.
ومن جانبه، قال سيفن غيز غيز وهو أحد محامي الدفاع لوكالة الأنباء الفرنسية “ستتاح لبيتر شريف من خلال هذه المحاكمة، الفرصة لقول الحقيقة كما يراها”. وأضاف “هو يدرك الثقل الذي تفرضه محاكمة شارلي إيبدو، لكنه سيدلي بكلمة صدق”.
هذا، ومن غير الواضح إلى أي مدى سيتمكن شريف من إقناع القضاء. وأشار المحققون إلى أنه وعلى الرغم من إبدائه “نيته التعاون” في القضية، لكنه في الواقع “لم يقدم أي معلومة حول المنظمة الإرهابية التي انتسب إليها”.
كما أفاد المحققون أيضا بأن التنصت على زنزانته أظهر “تمسكه بقناعاته الإسلامية المتطرفة… ورفضه المجتمع الفرنسي”.
أما مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة فأدرج عام 2015، اسم بيتر شريف على قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم “الدولة الإسلامية” وتنظيم القاعدة.
وأشار إلى أن هذا الإدراج أتى “باعتباره شخصا مرتبطا بتنظيم القاعدة بسبب المشاركة في تمويل أعمال أو أنشطة يقوم بها تنظيم القاعدة في العراق، وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أو التخطيط لهذه الأعمال أو الأنشطة أو تيسير القيام بها أو الإعداد لها أو ارتكابها، أو المشاركة في ذلك معهما أو باسمهما أو بالنيابة عنهما أو دعما لهما والتجنيد لحسابهما، أو تقديم أي أشكال أخرى من الدعم للأعمال أو الأنشطة التي يقومان بها”.
كما لفت المجلس أيضا إلى الاشتباه “في أنه كان يعمل مترجما شفويا لصالح تنظيم القاعدة… في الحالة ذات الصلة باختطاف ثلاثة فرنسيين من العاملين في مجال الأنشطة الإنسانية في اليمن. وقد تعرف أحد الرهائن السابقين على صوته. ونتيجة لذلك، أصدرت السلطات الفرنسية أمرا دوليا بإلقاء القبض عليه في 16 كانون الثاني/يناير 2015”.
فرانس24/ أ ف ب