الاعتراف بنوع خامس جديد من مرض السكري

هذا العام، اعترف الاتحاد الدولي للسكري رسميًّا بنوع خامس من داء السكري، بعد عقود من الجدل، وهو الآن يحث السلطات الصحية الأخرى على أن تحذو حذوه.هذا العام، اعترف الاتحاد الدولي للسكري رسميًّا بنوع خامس من داء السكري، بعد عقود من الجدل، وهو الآن يحثّ السلطات الصحية الأخرى، مثل منظمة الصحة العالمية، على أن تحذو حذوه.

نادرا ما يتم مناقشة مرض السكري من النوع الخامس أو البحث فيه، ومع ذلك يُعتقد أنه يؤثر على ما يصل إلى 25 مليون شخص حول العالم، وخاصة أولئك الذين يعيشون في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط ​​حيث يكون الوصول إلى الرعاية الطبية محدودا.

وحتى بعد اعتراف منظمة الصحة العالمية به في ثمانينيات القرن الماضي، أثار التشخيص جدلا واسعا. على مدى 7 عقود تقريبًا، دار جدل بين العلماء حول وجود مرض السكري من النوع الخامس من الأساس، وفي عام 1999، سحبت منظمة الصحة العالمية هذا التصنيف لعدم كفاية الأدلة.

وحتى يومنا هذا، لا يوجد اتفاق حول كيفية تشخيص مرض السكري من النوع الخامس أو كيفية علاجه.

وفقا لموقع Science Alert، فإنه على عكس أنواع السكري 1 و2 و3ج وسكري الحمل، فإن النوع الخامس من السكري لا يرتبط بالسمنة أو نمط الحياة أو الحمل أو الجهاز المناعي، بل يبدو أنه ينجم عن سوء التغذية.كان يُعرف سابقًا باسم داء السكري المرتبط بسوء التغذية(MRDM)، وغالبًا ما يتم تشخيص هذا النوع من مرض السكري بشكل خاطئ على أنه أنواع أخرى.

ومع ذلك، ولأن مقاومة الأنسولين لا تبدو السبب الرئيسي لداء السكري من النوع الخامس، فقد لا تكون العلاجات الحالية مفيدة. بل قد تكون ضارة. وقال كريج بيل، الباحث في مجال مرض السكري بجامعة إكستر: «إن فهم الأنواع المحددة لمرض السكري الذي يعاني منه الشخص أمر بالغ الأهمية لتوفير العلاج المناسب».

لطالما دعت ميريديث هوكينز، أخصائية الغدد الصماء في معهد السكري العالمي التابع لكلية ألبرت أينشتاين للطب، إلى الاعتراف العالمي بمرض السكري من النوع الخامس، والذي يؤثر عادة على الأشخاص في آسيا وإفريقيا الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وقالت: «إن مرض السكري المرتبط بسوء التغذية أكثر شيوعًا من مرض السل، ويكاد يكون بنفس شيوع فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، لكن عدم وجود اسم رسمي أعاق الجهود المبذولة لتشخيص المرضى أو إيجاد علاجات فعالة».

وأضافت: «أنا متفائلة بأن هذا الاعتراف الرسمي بمرض السكري من النوع الخامس سيؤدي إلى إحراز تقدم في مكافحة هذا المرض المهمل منذ فترة طويلة والذي يضعف الناس بشدة وغالباً ما يكون مميتا».

في السنوات الأخيرة، أظهرت العديد من الدراسات التي أجريت على الحيوانات والبشر أن نقص العناصر الغذائية المزمن يمكن أن يكون له آثار مدى الحياة على البنكرياس، مما يعطل قدرته على إفراز الأنسولين وموازنة مستويات السكر في الدم.

يُعد عمل هوكينز الخاص، الذي نُشر في عام 2022، أول عمل يحدد ملفًا أيضيًّا فريدًا لهذا المرض المرتبط بسوء التغذية. أجرت هي وزملاؤها تجربة صغيرة في جنوب الهند، والتي أظهرت أن الأشخاص المصابين بداء السكري المقاوم للأدوية يعانون من نقص الأنسولين مثل الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 1، ولكن ليس بنفس الدرجة، ولا يزالون حساسين للأنسولين، على عكس الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 الذين يصابون بمقاومة.

وكتب راهول جارج، طبيب في كلية ومستشفى إف إتش الطبية في الهند، في مراجعة حديثة: «يتميز مرض السكري من النوع الخامس بآلية حدوثه الفريدة، والتي يُفترض أنها تنطوي على ضعف في نمو البنكرياس نتيجة لفترات طويلة من نقص التغذية».وفي ضوء هذه الأدلة، يبذل الاتحاد الدولي للسكري جهوداً متضافرة للاعتراف أخيراً بمرض السكري من النوع الخامس.

وقال بعض الباحثين إن هذه الخطوة «تأخرت كثيرا»، بينما يجادل آخرون بأنها «غير مبررة» بسبب «عدم اليقين التشخيصي» الناجم عن تنوع حالات مرض السكري التي تبدو مرتبطة بسوء التغذية. ويقول البعض إن عدد مرضى السكري من النوع الخامس في ازدياد، بينما يقول آخرون إن انتشاره يتراجع، وفي كلتا الحالتين، يرتبط الأمر كله بتشخيص الحالة والتعرف عليها بشكل صحيح .

بدون اسم رسمي واعتراف رسمي، يصبح تمويل الأبحاث أمرا صعبا، وبدون مزيد من الأدلة، يستحيل معرفة ما يكفي عن حالة معينة لصياغة تشخيص قياسي أو تحديد عدد الأشخاص الذين تؤثر عليهم. أنشأ الاتحاد الدولي للسكري هذا العام فريق عمل خاصًّا بمرض السكري من النوع الخامس، برئاسة هوكينز، لوضع معايير تشخيصية رسمية وإرشادات علاجية لمرض السكري من النوع الخامس؛ وإنشاء سجل بحثي عالمي؛ وتوفير التدريب للعاملين في مجال الرعاية الصحية.

إن الملامح الأيضية المميزة لمرض السكري من النوع الخامس تعني أن الأطباء المعالجين بحاجة إلى توخي الحذر الشديد عند إدارة مستويات الأنسولين لدى المرضى. قد يحتاج الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الخامس إلى كميات ضئيلة فقط من الأنسولين التكميلي أو قد يحتاجون إلى أساليب بديلة لتحفيز إفراز الأنسولين، لتجنب انخفاض مستويات الأنسولين أو ارتفاعها بشكل خطير.

وقال هوكينز وزملاؤه في وقت سابق من هذا العام، في مراجعة نُشرت بعد الاعتراف الرسمي بمرض السكري من النوع 5: «يمكن أن يؤدي العلاج غير المناسب بالأنسولين إلى نقص السكر في الدم، وهو ما قد يشكل خطراً خاصاً في البيئات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي وحيث قد لا يكون رصد الجلوكوز ميسور التكلفة».

ولا تقتصر هذه المشكلة على آسيا وإفريقيا فحسب، بل إن سوء التغذية يمثل مشكلة متفاقمة في أجزاء من أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث يؤدي مزيج معقد من العوامل البيئية والسياسية والاقتصادية إلى تفاقم التفاوتات الصحية والفقر المدقع.

وقال هوكينز: «لا يوجد حل سريع، ولذلك نتوقع أن تتطلب مكافحة هذا المرض المزيد من البحث والدعوة». وأضاف: «بمجرد أن ترى مرضى شباب يموتون بسبب العلاج غير المناسب لشكل مهمل من مرض السكري، فلا رجعة إلى الوراء».

المصدر الغد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *