تاريخ الاقباط 7: عمر بن الخطاب أمر بحرق مكتبة الاسكندرية بالكامل

تاريخ الأقباط المجلد الثاني كما كتبته مسز أ. ل. بتشر عام 1897

المسلمون في مصر: سنة 642 ميلادية و 358 للشهداء و 20 هجرياً

مرت اكثر سني حياة مصر وهي تخرج من تحت حكم دولة لتدخل تحت سلطة دولة اخرى وتدين حكومتها بدينها الى ان تجئ امة جديدة بدين جديد فتتمسك به. ولا يوجد قطر في اقطار العالم مثل مصر في غرائب امورها وعجائب حكوماتها واختلاف اديانها وتشعب شعوبها وتبلبل الالسنة فيها فاقرأ وتأمل.

قبل التاريخ المسيحي بثلاثين سنة طرحت مصر حكم البطالسة ودخلت تحت ظل الحكومة الرومانية وفي سنة 642 م ظهر فيها خليع ماكر – هو المقوقس- سلمها الى ايدي العرب ومنهم للشراكسة ثم للاتراك وهلم جرا على ان تقلب الادياب فيها يماثل تعدد الامم التى حكمتها او يزيد. فانه لغاية نسة 323 كانت ديانة الحكومة المصرية الديانة الوثنية ومن سنة 340 الى 380 المذهب الآريوسي ومن بعد سنة 451 لحد الفتح الاسلامي المذهب الخلكيدوني الذي لم تقبله الكنيسة القبطية ولم تصادق الا على قوانين المجمع النيقاوي فهي لذلك ظلت محافظة على مبادئها الاساسية لاتعرف رئيساً لها غير بابا الاسكندرية ولا تذهب مذهبا سوى ماوضعه لها الاباء والاجداد ومذ ماافتتح المسلمون مصر اصبحت ديانة الحكومة الدين الاسلامي الذي مد سطوته عنوة واقتدراً على معظم الامة المصرية الحالية. ولكن مهلا فانه لايزال يوجد ليس سبعة الاف ركبة فقط لم تجث للبعل بل نحو 700 الف شخص لازالوا يفاخرون بنسبهم ويلقبون انفسهم بالامة القبطية وليس فقط بالكنيسة القبطية.

أما وقد عرفنا شيئاً من غرائب الاحكام والاديان في ارض الغرائب فلنتقدم لدحض وهم تسلط على عامة الناس وبعض خاصتهم قرونا عديدة هو ان اوروبا مديونة للعرب بعلومها ومعارفها. والذين يزعمون هذا الزعم بنوا فكرهم على ان اكثر العلوم دخلت اوروبا بواسطة العرب وهو اذا صح لا يؤخذ دليل على ان العرب هم الذين جاءوا بهذه المعارف من انفسهم ولكنهم سلمونا نتفا من التهذيب العلم القديم الذين محوا آثاره من البلاد التى امتلكوها كمصر مثلا بعد ان اخذوا قشورا ضعيفة منه اوصلوها الينا ممسوخة منسوخة كما ان الذين نقلوا بعض العلوم الصحيحة لم يكون من العرب انفسهم بل هم من الامم الاخرى التى امتزجت بهم. خذ لذلك مثلا وقس عليه البواقي:- ان العرب الذين ادخلوا بعض الفنون الهندسية والحرب الى الشرق في القرن العاشر والحادي عشر والثاني عشر ليسوا من العرب الاصليين بل هم جماعة من اليونان والارمن الشراكسة الذين توظفوا في مصر واتخذوا منها هذه الفنون ونشروها في البلاد التى انتقلوا اليهافيما بعد. واذا قام بعض الذين لايفهمون وبهنوا لنا على صحة ذلك الزعم من ان اسماء اكثر العلوم عربية صرفة ولذلك فهي من بنات افكار العرب اتخذنا قولهم  هذا حجة لنا لا علينا فان الابحاث الحديثة الدقيقة اثبتت ان هذه الاسماء التى يظنها بعضهم عربية انما هي مصرية او يونانية مثال ذلك الكيمياء فانها مأخوذة من كلمة “الكم أو الخم” ومعناها تراب احمر وهي الاسم العلم لارض مصر التى بزغت منها جميع العلوم والمعارف ونبغ فيها الاطباء والمهندسون والمعماريون ومهرة الصناع وارباب الفنون الجميلة الذين كانوا وطنيين مسيحيين لاتزال الحكومة المصرية لحد يومنا هذا تثق بامانتهم ومهارتهم وتضعهم في الوظائف الخطيرة التى تحتاج الى العفة والنشاط والاستقامة والجد مما اشتهر به الاقباط شهورة يعرفها كل من درس التاريخ الماضي والحاضر. ولا ينكرها الا من اعماه الغرض الممقوت ونحن مع هذا كله لا ننكر على العرب فضائلهم ولانبخس الاتراك حقهم فان هاتين الامتين اشترتها بالشجاعة وقوة البأس والكرم ومزايا اخرى. كان يحسن بالمصريين ان يقتبسوها منهاما ولكنها للاسف كانتا ولم تزالا على جانب عظيم من البداوة والخشونة وهو مايسمونه بالهمجية والوحشية، فاذا كان في الامتين ميل للفتوحات فهذا الميل ناشئ عن حب التوسع في السلطة والتحكم في رقاب العباد عجرفة وغطرسة كما ان التمدن عندهما هو عبارة عن الترف والاسراف واطلاق عنان النفس للشهوات المذمومة.

على ان العرب الاولين في بدء مجدهم كانوا بعيدين عن كل ترف ورفاهية ويميلون للجد في اعمالهم ويأكلون شظف العيش ويلبسون خشن الثياب ويحتقرون كل من يتنعم ويبذخ مع انهم وقعوا في هذه المهواة فيما بعد وغاصوا فيها لآذانهم. ولنذكر لك الآن حكاية تستدل منها على ترفع امراء العرب وعظائمهم عن البذخ والتبذير وعدم ميلهم ايضا الى شئ من العلوم النافعة والمؤلفات المفيدة. فانه لما افتتح عمرو الاسكندرية انذهل من ثروة سكانها وعجب من فخفختهم وترفهم فكتب الى عمر يبالغ في وصف مارأى من عظمة حماماتها وزخرفة سفنها ونظافة شوارعها وبهرجة ساكنيها ولكنه لم يذكر كلمة واحدة عن الكتب الثمينة والتصانيف الغالية التى كانت كنز الاسكندرية وفخرها خصوصاً مكتبتها الشهيرة التى سنقص عليك حكايتها ومنها تدرك مقدار اهتمام العرب بالعلوم والكتب التى كانوا يعدونها من سقط المتاع:- ذلك ان احد علماء الاسكندرية في ذل العصر اسمه يوحنا فيلوبومس بلغه ان قائد العرب الجهل يبغي حرق المكتبة واعدامها فطلب مقابلته ورجاه الا يتصرف في هذا الكنز الثمين ولايسلمه لعوامل الدمار بل اذا كان لايهتم بامره فليضعه تحت يده (اي يد يوحنا). وقيل ان عمرو استصغر عقل هذا العالم وظنه معتوها لانه يبحث عن رقوق عتيقة وجلود عفنة يسميها كنزاً وهي لاتنفع للاحذية وليس فيها سوى كتابة غامضة مبهمة تشبه الطلاسم والرقي، ففرطت من صاحبنا الالعالم كلمة امام عمرو لم يلتفت لنتيجتها وقال له ان بعض هذه الكتب ياسوي كل الاسكندرية ومافيها من ثروة طائلة واموال هائلة فاجابه عمرو انه اذا كان مقدرا اهمية هذه المكتبة كما ذكرت فليس في وسعي البت في امرها ولا يمكنني ان اعطيها لك كما طلبت مني ثم رفع عمرو الامر الى الخليفة عمر الذي اجابه جوابا بسيطا يقول عنه المنطقيون انه فاسد المقدمات فهو فاسد النتائج. قال الخليفة قضية منطقية قضت عل هذه المكتبة الشهيرة بالحرق وهاك القضية:-

“اذا كانت هذه الكتب تنافي ماجاء في القرآن فهي ضارة مؤذية لايجب حفظها”

اذا فعلى كلتا الحالتين يجب حرقها وابادتها من الوجود

قيل ان هذه الزخائر والنفائس استعملت وقود الحمامات بالاسكندرية الكبري لمدة ستة اشهر باكملها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *