الغنوشي يجدد البيعة لنظام الخميني في سفارة إيران

أثارت الصورة التي جمعت رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، بوزير التربية محمد علي البوغديري، ووزير الشؤون الدينية إبراهيم الشايبي، خلال احتفال السفارة الإيرانية في تونس بالعيد الوطني، جدلاً واسعاً في الساحة التونسية بلغ حد التكهُّن بإمكانية اتخاذ الرئيس قيس سعيد قرار إجراء تعديل وزاري.

وظهر الغنوشي، الملاحق قضائياً بتهم إرهابية وشبهات تبييض أموال، مع السفير الإيراني والوزيرَين وعضو جبهة الخلاص” المعارضة، عصام الشابي، يتشاركون في قطع كعكة مرسوم عليه العلمان التونسي والإيراني، وذلك بمناسبة الذكرى 44  ”للثورة الإسلامية” في إيران.

وحسب مراقبين، فإن الصورة عادية في ظاهرها؛ لأنها مجرد لقاء بروتوكولي حول قطعة مرطبات، ولكنها قد تثير عدة تداعيات؛ ذلك أن حسابات لأشخاص محسوبين على حركة النهضة هم الذين تولوا ترويجها بكثافة بعد أن أعطى الناشط البحري العرفاوي، إشارة الانطلاق؛ وهو الذي يمثل همزة وصل بين “النهضة” وسفارة إيران.

وروت مباركة عواينية، أرملة المعارض السياسي محمد البراهمي، التي حضرت الحفل، في تصريح أدلت به إلى كيوبوست”، حيثيات التقاط الصورة في مقر السفارة الإيرانية، مبينةً أن السفير الإيراني كان سيقطع الكعكة مع الوزيرَين فقط مثل ما هو معمول به بروتوكولياً، إلا أن راشد الغنوشي قفز من مكانه رغم عدم امتلاكه أية صفة رسمية بعد أن ابتسم له السفير، وتبعه القيادي في جبهة الخلاص المعارضة، عصام الشابي.

وحسب البراهمي، فإن الصورة تُبرز أن السفير الإيراني كان ممسكاً السكين رفقة الوزيرَين التونسيَّين، في حين أن يد الغنوشي هي الأخيرة التي التحقت بالحدث، وتؤكد دهاء رئيس الحركة الإخوانية الذي كلما تقدم في العمر ازداد دهاؤه وخبثه، مضيفةً أن الصورة ربما التقطها أحد مرافقيه في غضون ثوانٍ؛ في محاولة لتوريط الوزيرَين، وللدلالة على أن الغنوشي ما زال فاعلاً في الساحة السياسية التونسية؛ خصوصاً بعد إزاحته من البرلمان وملاحقته قضائياً إلى جانب عديد من القيادات من حركته بتهم إرهابية.

واعتبرت عواينية أن الصورة التي تم تداولها من قِبل حسابات إخوانية خبيثة؛ لكن الأخبث منها حضور الغنوشي في كل المناسبات دون أن تكون له أية صفة رسمية، مضيفةً أن غالبية الحاضرين في مقر سفارة إيران كانوا منزعجين من حضوره؛ خصوصاً أن هذا الرجل مدان وتلاحقه قضايا متعلقة بالأمن الوطني لتونس.

الكاتب الصحفي حسونة المصباحي، اعتبر في تعليقه على الصورة التي جمعت رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، بالوزيرَين محمد علي البوغديري وإبراهيم الشايبي، في سفارة إيران، أن ”حفل السفارة الإيرانية دليل آخر على أن الخلاف بين مختلف فروع الإسلام السياسي، شكلي وليس جوهرياً؛ إذ إن كل فرع يرغب في الحصول على المزيد من السلطة، ونهب أكثر ما يمكن من الغنيمة”.

وأضاف المصباحي أن ”الحفل دلَّ على بؤس اليسار التونسي، وفقره الفكري، وانعدام الضمير عنه، وإلا كيف يسمح لنفسه بحضور حفل واحد من أكثر الأنظمة قمعية في العالم ومن أشدها تنكيلاً بالشعب.. والحقيقة أن تونس هي الآن رهينة لدى أعداء الدولة الوطنية من جميع الأصناف.. ولن يصلح حالها ما دام هؤلاء في السلطة، وما دام الغنوشي مدمر البلاد يرتع فيها بربطة عنق حمراء، وكأنه السيد الأول في هذه البلاد”.

وحرص زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، بعد عودته إلى تونس، على علاقات ودّ وصداقة مع الإيرانيين، فكان من أكثر الناس تبادلاً للزيارات مع السفير الإيراني في تونس ،وكلما احتفل الغنوشي بأية مناسبة لحزبه حرص على دعوة ممثلي إيران ليحتفلوا معه في مرات عديدة بمقر حزبه.

وحسب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي باسل ترجمان، فإن حضور الوزيرَين في حفل السفارة الإيرانية بمناسبة العيد الوطني، واجب بروتوكولي تقوم به الدولة التونسية في كل عيد وطني لأية دولة لها تمثيل دبلوماسي في تونس، بتكليف من رئيسة الحكومة.

وفي المقابل، اعتبر ترجمان، في تصريح أدلى به إلى ”كيوبوست”، أن حضور رئيس حركة النهضة، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين، هو بمثابة إعادة البيعة مرة أخرى للثورة الإسلامية في إيران، بعد أن باركت حركة النهضة عندما كانت تُسمى حركة الاتجاه الإسلامي في ثمانينيات القرن الماضي، ثورة الخميني، وطرحت شعارات في الجامعة التونسية في تلك الفترة حول الثورة الإسلامية في تونس، بالإضافة إلى إهداء راشد الغنوشي العديد من كتبه إلى مرشد الثورة الإيرانية آية الله الخميني.

ويرى باسل ترجمان أن صورة راشد الغنوشي رفقة السفير الإيراني، تأتي في مرحلة تشهد فيها علاقات الدول التي أسهمت في إرجاع راشد الغنوشي إلى تونس؛ وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي دعمت الإسلام السياسي للوصول إلى السلطة خلال فترة حكم الرئيس باراك حسين أوباما توتراً مع إيران .

 وفي ظل الأزمة الكبرى بين واشنطن وطهران، اختار راشد الغنوشي، وهو في أمسّ الحاجة إلى الدعم الأمريكي في هذه المرحلة، أن يقف إلى جانب طهران، وأن يكون حاضراً في الاحتفال الذي قاطعه عدد كبير من ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة في تونس.

ويضيف الكاتب الصحفي والمحلل السياسي باسل ترجمان، أن الصورة المتداولة للغنوشي والوزيرَين محمد علي البوغديري وإبراهيم الشايبي، محاولة من السفير الإيراني لإعادة الغنوشي إلى المشهد السياسي، وتعني أن النظام الإيراني الحالي يراهن على رئيس حركة النهضة الإخوانية كأحد مرتكزات دعمه في تونس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *